تشهد الساحة السياسية الكندية حالياً حالة من الجدل والتكهنات حول إمكانية تأجيل البرلمان من قبل الحكومة الفيدرالية، وذلك في ظل الجمود القائم في مجلس العموم حول مسألة حساسة تتعلق بمؤسسة تكنولوجيا التنمية المستدامة (SDTC). يطرح النواب تساؤلات حول فرص رئيس الوزراء جاستن ترودو في اتخاذ قرار بتعليق أعمال البرلمان بهدف كسر هذا الجمود.
تشهد الساحة السياسية الكندية حالياً حالة من الجدل والتكهنات حول إمكانية تأجيل البرلمان من قبل الحكومة الفيدرالية، وذلك في ظل الجمود القائم في مجلس العموم حول مسألة حساسة تتعلق بمؤسسة تكنولوجيا التنمية المستدامة (SDTC). يطرح النواب تساؤلات حول فرص رئيس الوزراء جاستن ترودو في اتخاذ قرار بتعليق أعمال البرلمان بهدف كسر هذا الجمود.
ماذا يعني تأجيل البرلمان؟
إذا قرر رئيس الوزراء تأجيل البرلمان، فإن ذلك سيؤدي إلى إنهاء الدورة الحالية بشكل مبكر. هذا يعني أن النواب سيفقدون مهامهم، ولا يمكن لأي لجان أن تجتمع. بالإضافة إلى ذلك، سيتم “إنهاء” جميع مشاريع القوانين التي لم تحصل على الموافقة الملكية، مما يتطلب إعادة تقديمها في الدورة الجديدة وكأنها لم تكن موجودة من قبل. هذا الإجراء البرلماني ليس بجديد على حكومة ترودو، على الرغم من أن وزراء بارزين مثل نائبة رئيس الوزراء كريستيا فريلاند وزعيمة مجلس النواب كارينا جولد قد أكدوا في مقابلاتهم أن تأجيل الجلسات ليس خياراً مطروحاً.
سياق الأزمة الحالية
تكمن جذور الأزمة الحالية في تحقيقات حول تكنولوجيا التنمية المستدامة في كندا، حيث تم الإبلاغ عن انتهاكات لقواعد تضارب المصالح. في خريف عام 2023، علقت الحكومة الفيدرالية قدرة SDTC على تمويل مشاريع جديدة وكلفت جهة خارجية بمراجعة المطالبات. أظهر تقرير المدقق العام كارين هوجان في يونيو 2024 أن هناك 90 خرقاً لقواعد تضارب المصالح، مما أثار تساؤلات جدية حول شفافية الحكومة.
في الشهر نفسه، تم التصويت في البرلمان على اقتراح يطالب الحكومة بتسليم جميع الوثائق المتعلقة بـ SDTC، وهو الأمر الذي اعتبره المحافظون انتهاكاً للامتياز البرلماني. من جانبهم، أعرب الليبراليون عن مخاوفهم من انتهاك حقوق الميثاق فيما يتعلق بالتحقيقات والخصوصية.
تأجيل البرلمان: فرص وتحديات
إذا قرر رئيس الوزراء تأجيل البرلمان، فقد يكون ذلك بمثابة خطوة لإنهاء الجمود الذي يعيق مناقشة التشريعات وإقرارها. هذا يمكن أن يوفر لليبراليين الفرصة لإعادة تقييم أولوياتهم ومعالجة الانقسامات الداخلية قبل الدورة القادمة. ومع ذلك، فإن تأجيل البرلمان قد يؤدي إلى إبطاء التقدم في العديد من مشاريع القوانين الحيوية، مثل مشروع القانون C-63 المتعلق بالأضرار عبر الإنترنت، ومشروع القانون C-322 المتعلق ببرنامج الأغذية المدرسية، ومشروع القانون C-61 حول قضايا مياه الشرب والصرف الصحي في أراضي الأمم الأولى، ومشروع القانون C-40 الذي يسعى لإنشاء لجنة لمراجعة حالات إساءة تطبيق العدالة.
الأبعاد السياسية لتأجيل البرلمان
في ظل الضغوط المتزايدة من بعض أعضاء كتلة البرلمان الليبرالية، قد يواجه ترودو صعوبة في اتخاذ قرار بشأن تأجيل البرلمان. وفي حال حدوث ذلك، يمكن أن يفتح الباب أمام هجمات من قبل حزب المحافظين، الذين اتهموا الحكومة بإخفاء أدلة تتعلق بقضية SDTC. وقد أبدى زعيم الحزب بيير بواليفير استعداده لمواجهة الحكومة في هذا السياق، مشدداً على أهمية الشفافية ومكافحة الفساد.
حالات تأجيل البرلمان السابقة
تجدر الإشارة إلى أن تأجيل البرلمان ليس ظاهرة جديدة في كندا. في أغسطس 2020، حصل ترودو على موافقة الحاكم العام آنذاك لتأجيل البرلمان بهدف وضع خطة طويلة الأجل للتعافي من جائحة كوفيد-19. جاء هذا التأجيل في وقت كانت فيه الحكومة تواجه انتقادات أخلاقية، خاصةً فيما يتعلق بمؤسسة WE الخيرية.
وعلى الرغم من ذلك، فإن سلفه ستيفن هاربر قد استخدم أيضاً هذا الخيار عدة مرات خلال فترة حكمه، مما أثار جدلاً واسعاً حول دوافعه. في بعض الحالات، تم اتهامه بتأجيل البرلمان لتفادي التصويت على حجب الثقة أو لتجنب التحقيقات في قضايا حساسة.
وبينما تتصاعد التكهنات حول احتمال تأجيل البرلمان من قبل الحكومة الفيدرالية، يبقى المشهد السياسي معقداً. يتعين على رئيس الوزراء ترودو أن يوازن بين الضغوط السياسية والمخاوف من فقدان السيطرة على البرلمان، في الوقت الذي يحتاج فيه إلى معالجة القضايا العالقة بأكبر قدر من الشفافية والمصداقية. ستظل تطورات هذه القضية محط أنظار المتابعين والمراقبين للسياسة الكندية في الأيام المقبلة.
ماري جندي
المزيد
1