في ظل التوترات التجارية والتعريفات الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب الأولى، ووسط التحذيرات المتزايدة من رؤساء الوزراء الكنديين، برزت المكسيك كعنصر جدلي في التجارة بين أمريكا الشمالية والصين. وصف رئيس وزراء أونتاريو، دوج فورد، المكسيك بأنها “الباب الخلفي” للبضائع الصينية، مشيرًا إلى استفادة الصين من المكسيك لتجنب التعريفات الجمركية الأمريكية والكندية.
في ظل التوترات التجارية والتعريفات الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب الأولى، ووسط التحذيرات المتزايدة من رؤساء الوزراء الكنديين، برزت المكسيك كعنصر جدلي في التجارة بين أمريكا الشمالية والصين. وصف رئيس وزراء أونتاريو، دوج فورد، المكسيك بأنها “الباب الخلفي” للبضائع الصينية، مشيرًا إلى استفادة الصين من المكسيك لتجنب التعريفات الجمركية الأمريكية والكندية.
خلفية الأزمة
مع إعادة انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تصاعدت التوترات حول التجارة مع الصين. ودعا فورد إلى طرد المكسيك من اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك (USMCA) إذا لم تتخذ خطوات حاسمة للحد من ما يُعرف بـ”إعادة الشحن”. وأوضح فورد أن المكسيك تستورد قطعًا صينية رخيصة وتضع عليها ملصقات “صنع في المكسيك”، ثم تصدرها إلى الولايات المتحدة وكندا، مما يتسبب في فقدان الوظائف في هذه البلدان.
أرقام تعكس الأزمة
بحسب تقرير مجموعة ديكارت سيستمز، شهدت المكسيك زيادة بنسبة 54% في صادراتها إلى الولايات المتحدة بين عامي 2016 و2022. خلال نفس الفترة، ارتفعت واردات المكسيك من الصين بنسبة هائلة بلغت 138%. وتشكل السلع الصينية نسبة كبيرة من صادرات المكسيك إلى الولايات المتحدة، منها:
15.7% من الأثاث.
28% من الإلكترونيات.
35.7% من المنتجات البلاستيكية.
32.6% من المنتجات المطاطية.
وفي عام 2023 وحده، زادت صادرات الحاويات الصينية إلى المكسيك بنسبة 60%، مع معدل نمو سنوي بلغ 34.8% مقارنة بـ3.5% في العام السابق.
إعادة الشحن: آلية الاستغلال
الممارسة التي تُعرف بـ”إعادة الشحن” تقوم على إنتاج البضائع في الصين، ثم شحنها إلى المكسيك كوجهة وسيطة، حيث يُعاد تصنيفها كمنتجات مكسيكية لتجنب الرسوم الجمركية الأمريكية. وفقًا للقوانين الحالية، طالما خضعت السلع لتحول “جوهري” بعد دخولها المكسيك، فإنها مؤهلة للحصول على تعريفات تفضيلية وفقًا لاتفاقية USMCA. لكن هذا التحول لا يتطلب أكثر من تجميع بسيط للأجزاء المكونة، مما يجعل العملية مثار جدل كبير.
الصين والمكسيك: تحالف السيارات
أبرز القطاعات المتأثرة هو صناعة السيارات، حيث استفادت الشركات الصينية من بناء مصانع جديدة في المكسيك لتجميع السيارات، مما يؤهلها للاستفادة من الإعفاءات الجمركية بموجب الاتفاقية. بين عامي 2019 و2023، أنشأت 12 شركة صينية مصانع لقطع غيار السيارات في المكسيك، مما أثار قلقًا كبيرًا في الولايات المتحدة وكندا.
وفقًا لتقرير من تحالف التصنيع الأمريكي، فإن هذا التدفق يهدد بشكل مباشر صناعة السيارات الأمريكية التي توظف ملايين العمال، حيث تُباع السيارات الصينية بأسعار منخفضة تصل إلى 14,000 دولار أمريكي، مما يضعف القدرة التنافسية للمنتجين المحليين.
ردود الفعل السياسية
دعا فورد، إلى جانب مسؤولين آخرين في كندا، إلى اتخاذ موقف صارم ضد المكسيك. أشار وزير التنمية الاقتصادية في أونتاريو إلى أن هذه الممارسات “تضر بأونتاريو بشكل خاص”، حيث تعتبر مركزًا رئيسيًا لصناعة السيارات الكندية التي توظف نحو 160,800 عامل.
من جهتها، أكدت وزيرة المالية الكندية كريستيا فريلاند أنها تشارك واشنطن مخاوفها بشأن تواطؤ المكسيك مع الصين. وقالت: “علينا أن نقف معًا ضد هذه الممارسات التي تضر باقتصاداتنا”.
مستقبل اتفاقية التجارة الحرة
في الوقت الذي تستعد فيه أمريكا الشمالية لمراجعة اتفاقية USMCA بحلول عام 2026، يبدو أن كندا تسعى لتثبيت نفسها كحليف اقتصادي موثوق للولايات المتحدة، خاصة إذا قررت إدارة ترامب فرض تعريفات إضافية. من ناحية أخرى، تواجه المكسيك ضغوطًا متزايدة قد تجبرها على اتخاذ إجراءات ضد تدفق السلع الصينية، وإلا فإنها قد تجد نفسها معزولة اقتصاديًا.
النهاية المحتملة للأزمة
مع استمرار الانتقادات والمخاوف من استغلال الصين للمكسيك كبوابة خلفية، يبدو أن الحل يكمن في اتخاذ المكسيك تدابير ملموسة للحد من إعادة الشحن. هذا قد يتطلب فرض رسوم جمركية مكافئة على السلع الصينية، مثلما فعلت الولايات المتحدة وكندا، أو مواجهة خطر الإقصاء من شراكة اقتصادية تعتبر شريان حياة رئيسيًا لاقتصادها.
الرهان الآن على مدى قدرة المكسيك على الموازنة بين تحقيق مكاسبها الاقتصادية قصيرة الأجل والحفاظ على علاقات استراتيجية مع جيرانها في أمريكا الشمالية.
ماري جندي
المزيد
1