في ظل التحولات الكبيرة التي يشهدها قطاع الترفيه في كندا، يتزايد إقبال المشاهدين على منصات البث المدفوعة مثل Netflix وDisney Plus، حتى مع الارتفاع المستمر في الأسعار. ووفقًا لتقرير سنوي صادر عن شركة Convergence Research، فإن هذه المنصات الرقمية تمكنت من الحفاظ على زخمها في مواجهة المنافسة مع مزودي خدمات الكابل والأقمار الصناعية التقليديين، مستفيدة من تقديم خطط اشتراك بأسعار أقل ومدعومة بالإعلانات.
في ظل التحولات الكبيرة التي يشهدها قطاع الترفيه في كندا، يتزايد إقبال المشاهدين على منصات البث المدفوعة مثل Netflix وDisney Plus، حتى مع الارتفاع المستمر في الأسعار. ووفقًا لتقرير سنوي صادر عن شركة Convergence Research، فإن هذه المنصات الرقمية تمكنت من الحفاظ على زخمها في مواجهة المنافسة مع مزودي خدمات الكابل والأقمار الصناعية التقليديين، مستفيدة من تقديم خطط اشتراك بأسعار أقل ومدعومة بالإعلانات.
التلفزيون التقليدي في تراجع والبث الرقمي يفرض سيطرته
أوضح التقرير، الذي يحمل عنوان “Couch Potato 2025″، أن نسبة الأسر الكندية التي تخلت عن خدمات التلفزيون التقليدي ارتفعت إلى 46% بحلول نهاية عام 2024، ما يعادل 7.35 مليون أسرة. ويمثل هذا ارتفاعًا ملحوظًا مقارنة بـ42% في عام 2023، مع توقعات بأن تصل هذه النسبة إلى 54% بحلول عام 2027.
في المقابل، شهدت خدمات التلفزيون عبر الكابل والأقمار الصناعية انخفاضًا ملحوظًا، حيث تراجعت الاشتراكات بنسبة 4%، بينما انخفضت إيراداتها بنسبة 5% لتستقر عند 6.5 مليار دولار في عام 2024. وتشير التوقعات إلى استمرار هذا التراجع حتى عام 2027.
يعلق رئيس شركة Convergence Research، براهم إيلي، على هذه التغيرات بقوله:
“الثورة حدثت بالفعل. خدمات البث ليست مجرد خيار إضافي، بل أصبحت الأساس، في حين أن التلفزيون التقليدي بات محصورًا في فئة معينة من المشاهدين.”
ارتفاع الأسعار لا يردع المستهلكين عن الاشتراكات الرقمية
ورغم أن العديد من الكنديين بدأوا في التخلي عن التلفزيون التقليدي، فإنهم ما زالوا ينفقون المزيد على منصات البث المباشر. وأظهر التقرير أن الأسر الكندية التي تمتلك اشتراكًا في منصة واحدة على الأقل من خدمات البث الرقمي ستدفع في عام 2024 8% أكثر مما كانت تدفعه في العام السابق.
وقد رفعت أكبر 10 مزودي خدمات البث في كندا أسعارهم بنسبة 6% في المتوسط خلال عام 2023، مما ساهم في زيادة الإيرادات السنوية الإجمالية لخدمات البث إلى 4.2 مليار دولار، بارتفاع 15% عن العام السابق.
ويشير إيلي إلى أن معظم الأسر الكندية لديها اشتراك في 2.6 خدمة بث في المتوسط، مما يعكس الاتجاه المتزايد نحو استهلاك المحتوى عبر منصات متعددة.
الإعلانات توفر خيارًا أقل تكلفة للمشاهدين
مع ارتفاع الأسعار وفرض قيود على مشاركة كلمات المرور، لجأت شركات البث إلى تقديم خيارات اشتراك أرخص مدعومة بالإعلانات لجذب المستهلكين الذين يبحثون عن حلول أكثر توفيرًا.
على سبيل المثال، رفعت Netflix في يناير 2024 تكلفة خطتها القياسية المدعومة بالإعلانات بمقدار 2 دولار لتصل إلى 7.99 دولار شهريًا، بينما ارتفع سعر خطتها القياسية الخالية من الإعلانات إلى 18.99 دولار. أما Disney Plus، فقد زادت تكلفتها في الخريف الماضي بمقدار 1 دولار، ليصبح الاشتراك الشهري 8.99 دولار مع الإعلانات، و12.99 دولار بدونها.
ويؤكد التقرير أن العروض المدعومة بالإعلانات توفر تخفيضًا في التكلفة بنسبة 39% مقارنة بالخطط الخالية من الإعلانات، مما يجعلها خيارًا جذابًا للعديد من المشاهدين.
وفي هذا السياق، يقول إيلي:
“على الرغم من أن بعض الأشخاص قد يجدون الإعلانات مزعجة بعد سنوات من المشاهدة بدونها، إلا أن السعر يظل العامل الحاسم في اتخاذ القرار. فالغالبية العظمى من المستهلكين تفضل الخيارات الأرخص، حتى لو كانت تتطلب مشاهدة بعض الإعلانات.”
التحديات التنظيمية: صراع بين كندا وعمالقة البث العالميين
مع اكتساب خدمات البث المباشر شعبية متزايدة، تسعى الجهات التنظيمية في كندا إلى تحقيق توازن بين السوق المحلية والمنافسة العالمية.
ففي عام 2023، دخل قانون البث عبر الإنترنت حيز التنفيذ، والذي يفرض على شركات البث الأجنبية، مثل Netflix وDisney Plus، تخصيص 5% من إيراداتها السنوية في كندا لدعم إنتاج المحتوى الكندي.
إلا أن هذه الشركات الكبرى لم تقف مكتوفة الأيدي، حيث قدمت طعونًا قضائية ضد هذا القرار، ومن المتوقع أن تنظر محكمة الاستئناف الفيدرالية في القضية خلال جلسة استماع في يونيو 2025، قبل الموعد المحدد لسداد هذه المساهمات في أغسطس.
ويعلق إيلي على هذه المسألة قائلًا:
“التلفزيون التقليدي لا ينمو، بينما تحقق خدمات البث إيرادات بمعدلات نمو من رقمين. المشكلة في كندا هي أن الغالبية العظمى من هذه الإيرادات تذهب إلى شركات أجنبية، مما يجعل السوق الكندي تحت سيطرة غير الكنديين.”
الخلاصة: إلى أين يتجه المشهد التلفزيوني في كندا؟
من الواضح أن المشهد الإعلامي في كندا يشهد تحولًا جذريًا، حيث تتراجع شعبية التلفزيون التقليدي بينما تستمر منصات البث في التوسع، رغم ارتفاع الأسعار. ومع استمرار المنافسة بين الشركات الرقمية والجهات التنظيمية، يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن كندا من تحقيق توازن عادل بين دعم الإنتاج المحلي والحفاظ على سوق متكافئ؟
الأيام المقبلة وحدها ستكشف عن الإجابة، لكن ما هو مؤكد حتى الآن أن المستقبل ينتمي لمنصات البث، وليس لشاشات الكابل القديمة.
ماري جندي
المزيد
1