في ظل سعي الكنديين لتحقيق التوازن بين الراحة وتكاليف المعيشة المتزايدة، بدأت محلات البقالة في كندا في الاستثمار بشكل متزايد في فئة الوجبات الجاهزة. لم تعد هذه المتاجر تقتصر على تقديم الأطباق التقليدية مثل الدجاج المشوي وسلطة المعكرونة ولفائف الديك الرومي، بل وسّعت خياراتها لتشمل مجموعة متنوعة من الأطعمة التي تلبي احتياجات المستهلكين الباحثين عن خيارات اقتصادية وسريعة.
في ظل سعي الكنديين لتحقيق التوازن بين الراحة وتكاليف المعيشة المتزايدة، بدأت محلات البقالة في كندا في الاستثمار بشكل متزايد في فئة الوجبات الجاهزة. لم تعد هذه المتاجر تقتصر على تقديم الأطباق التقليدية مثل الدجاج المشوي وسلطة المعكرونة ولفائف الديك الرومي، بل وسّعت خياراتها لتشمل مجموعة متنوعة من الأطعمة التي تلبي احتياجات المستهلكين الباحثين عن خيارات اقتصادية وسريعة.
اتجاه متزايد نحو الوجبات الجاهزة
يرى الخبراء أن محلات البقالة تسعى لجذب المتسوقين الذين يبحثون عن بدائل مريحة وأقل تكلفة مقارنة بالمطاعم. ووفقًا لكارمان أليسون، نائب رئيس تطوير الأعمال في شركة “نيلسن آي كيو كندا”، فإن توفير الوجبات الجاهزة أصبح وسيلة فعالة لزيادة حركة المتسوقين في المتاجر وتعزيز حجم المشتريات. وأشار إلى أن 92% من الكنديين اشتروا وجبة جاهزة من محلات البقالة خلال العام الماضي، موضحًا أن هذه الظاهرة تأتي نتيجة وعي المستهلكين بإمكانية الحصول على وجبة جاهزة من المتجر بسعر أقل مقارنة بالمطاعم، دون الحاجة لدفع الإكراميات.
وتشمل قائمة الوجبات الجاهزة في المتاجر اليوم أصنافًا متنوعة، من السوشي والدجاج المتبل إلى وجبات مثل دجاج الكورما وسندويشات الإفطار، حيث تُباع بعضها جاهزة للأكل، بينما تتطلب أخرى التسخين أو الطهي البسيط في المنزل.
التحولات الاقتصادية وتأثيرها على قطاع الوجبات الجاهزة
تأثرت العادات الشرائية للكنديين بعد جائحة كورونا ومع ارتفاع معدلات التضخم، حيث لجأ كثيرون إلى الاعتماد على الوجبات الجاهزة كحل وسط بين تناول الطعام في الخارج والطهي المنزلي. وأكدت جانا سوبي، نائبة الرئيس الأول لقسم المنتجات الطازجة في شركة “سوبي”، أن مبيعات هذا القطاع شهدت نموًا خلال فترة التضخم، إلا أن الطلب استمر في الارتفاع حتى بعد تراجع التضخم.
وأوضحت سوبي أن هذا التحول يُعتبر طويل الأمد، لأن الأسعار لا تزال مرتفعة مقارنة بما كانت عليه قبل سنوات، ما يدفع المستهلكين إلى البحث عن خيارات توفر لهم الراحة والتوفير معًا. ومع استمرار الضغوط الاقتصادية، قد تؤدي التوترات التجارية بين كندا والولايات المتحدة إلى زيادات أخرى في الأسعار، ما يجعل الاتجاه نحو الوجبات الجاهزة خيارًا أكثر جاذبية للكنديين.
لماذا يفضل المستهلكون الوجبات الجاهزة من محلات البقالة؟
أشار جويل جريجوار، المدير المساعد للأغذية والمشروبات في شركة أبحاث السوق “مينتل”، إلى أن المستهلكين يعتبرون الوجبات الجاهزة من محلات البقالة أكثر قيمة مقارنة بالمطاعم أو طلبات التوصيل. ووفقًا لبيانات “مينتل”، فإن نسبة المستهلكين الذين يشترون هذه الوجبات بانتظام ارتفعت من 62% في عام 2022 إلى 66% في عام 2024.
ووفقًا لكارمان أليسون، فإن الكنديين أنفقوا نحو 3.6 مليار دولار على وجبات البقالة العام الماضي، بما يعادل 420 مليون وجبة، حيث يبلغ متوسط سعر الوجبة الواحدة حوالي 8.55 دولارًا. ويرى أليسون أن هذا الخيار لا يزال اقتصاديًا للغاية مقارنة بالمطاعم، إذ يوفر على المستهلكين الوقت والمال، دون الحاجة إلى القلق بشأن الإكراميات أو تكاليف التوصيل.
وفيما يخص أنماط الاستهلاك، أوضح جريجوار أن العديد من الكنديين باتوا يمزجون بين الأطعمة الجاهزة والمكونات المنزلية. على سبيل المثال، قد يشتري المستهلكون دجاجًا مشويًا جاهزًا، ويعدّون السلطة بأنفسهم في المنزل، أو يشترون سلطة جاهزة لتكملة الوجبة، وهو ما يخلق توازنًا بين الراحة والتوفير.
تنوع الخيارات وزيادة المنافسة
لم يعد الدجاج المشوي الخيار الوحيد الجاذب للمتسوقين في متاجر البقالة، إذ توسعت الأصناف لتشمل أطعمة مستوحاة من مختلف الثقافات، مثل الدجاج بالكاري والأطباق الآسيوية. وأوضح مسؤولو “سوبيز” أن الشركة بدأت في توفير مجموعة أوسع من الوجبات، خاصة الأطباق متعددة الثقافات التي تشهد طلبًا متزايدًا من المستهلكين.
كما بدأت المتاجر في إنشاء “مطابخ مركزية” لتحضير بعض الأطباق التي تتطلب إعدادًا أكثر تعقيدًا، مثل الحساء، حيث انتقلت عمليات تحضير الحساء من الموردين الخارجيين إلى الإنتاج الداخلي، ما ساهم في تقليل التكلفة وتحسين الجودة بإزالة المواد الحافظة وتقليل مدة الصلاحية، مما يجعل المنتجات أكثر طزاجة.
محلات التخفيضات تدخل المنافسة
في حين أن محلات البقالة التقليدية توسع عروضها من الوجبات الجاهزة، بدأت محلات التخفيضات أيضًا في الاستثمار بهذا المجال. ففي كيبيك، أطلقت متاجر “ماكسي” التابعة لـ”لوبلو” مجموعة جديدة من الوجبات الجاهزة بالتعاون مع الشيف الشهير جوناثان غارنييه. وتشمل القائمة أطباقًا مثل الدجاج بالزبدة، ولفائف الملفوف، ولحم البقر بورغينيون، والبطاطس المهروسة، بأسعار لا تتجاوز 20 دولارًا.
وقال سيلفان ليميو، المدير الأول لتسويق العلامات التجارية في “No Frills and Maxi”، إن فئة الوجبات الجاهزة كانت تحقق نموًا بالفعل قبل الجائحة، لكنها عادت للانتعاش بسرعة بعد بعض التقلبات خلال فترة الوباء.
فرص جديدة في وجبات الغداء والإفطار
يرى الخبراء أن معظم مبيعات الوجبات الجاهزة في محلات البقالة تتركز على وجبات العشاء، ولكن مع عودة الكنديين إلى المكاتب بعد الوباء، تبرز فرص جديدة في تقديم خيارات الإفطار والغداء الجاهزة.
وأشار أليسون إلى أن هذا التحول قد يمثل فرصة مهمة لمحلات البقالة لتعزيز نموها، خاصة مع بحث المستهلكين عن وجبات سهلة وسريعة تتناسب مع نمط حياتهم المزدحم.
ختامًا.. مستقبل واعد للوجبات الجاهزة في محلات البقالة
يبدو أن اتجاه محلات البقالة نحو تقديم وجبات جاهزة متكاملة هو استجابة ذكية لاحتياجات المستهلكين الذين يبحثون عن خيارات مريحة واقتصادية في آنٍ واحد. ومع استمرار ارتفاع تكاليف المعيشة، من المرجح أن يزداد الإقبال على هذه الفئة، مما يدفع محلات البقالة إلى تحسين جودة الأطعمة وتوسيع خياراتها بشكل أكبر لمنافسة المطاعم ومتاجر التخفيضات.
ماري جندي
المزيد
1