في تقرير جديد يثير الكثير من الجدل، حذرت دراسة صادرة عن معهد فريزر من أن الطريقة التي يتم بها تمويل المدارس في عدد من المقاطعات الكندية تؤدي إلى تقويض حرية الاختيار لدى الآباء، وتحول دون تطبيق مناهج تعليمية متنوعة ومبتكرة.
التقرير، الذي يحمل عنوان “اختيار الوالدين والمدارس المستقلة والتنظيم الإقليمي للمناهج الدراسية في كندا”, سلّط الضوء على ما وصفه بـ”الاحتكارات الإقليمية” التي تفرضها حكومات المقاطعات من خلال ربط الدعم المالي بشروط صارمة، في مقدمتها الالتزام الكامل بالمناهج الدراسية الحكومية.
في تقرير جديد يثير الكثير من الجدل، حذرت دراسة صادرة عن معهد فريزر من أن الطريقة التي يتم بها تمويل المدارس في عدد من المقاطعات الكندية تؤدي إلى تقويض حرية الاختيار لدى الآباء، وتحول دون تطبيق مناهج تعليمية متنوعة ومبتكرة.
التقرير، الذي يحمل عنوان “اختيار الوالدين والمدارس المستقلة والتنظيم الإقليمي للمناهج الدراسية في كندا”, سلّط الضوء على ما وصفه بـ”الاحتكارات الإقليمية” التي تفرضها حكومات المقاطعات من خلال ربط الدعم المالي بشروط صارمة، في مقدمتها الالتزام الكامل بالمناهج الدراسية الحكومية.
التمويل مشروط.. والمناهج مفروضة
يشير التقرير إلى أن خمس مقاطعات رئيسية — وهي بريتش كولومبيا، وألبرتا، وساسكاتشوان، ومانيتوبا، وكيبيك — توفر دعمًا ماليًا جزئيًا للمدارس المستقلة. غير أن هذا الدعم لا يُمنح إلا في حال التزام تلك المدارس بالمناهج الدراسية الرسمية المعتمدة في المقاطعة، وهو ما يقيّد بشكل كبير قدرة هذه المدارس على تقديم بدائل تعليمية جديدة أو مختلفة.
وفي هذا السياق، كتب مؤلف الدراسة ديريك أليسون:
“إن الهدف من توفير تعليم عادل، عالي الجودة، وهادف لجميع الشباب يمكن تحقيقه بصورة أكثر فعالية من خلال نظام تعليمي متنوع، حيث تقدم مجموعة من المدارس، المدعومة من الحكومة ولكن المدارة بشكل مستقل، خيارات متنوعة للمناهج الدراسية، إلى جانب المدارس الحكومية التقليدية.”
إحصائيات تعكس الواقع
أوضح التقرير أن عدد الطلاب الملتحقين بالمدارس المستقلة في كندا خلال العام الدراسي 2021-2022 تجاوز 441 ألف طالب وطالبة، وهو رقم لافت يعكس الإقبال المتزايد على هذه المدارس رغم القيود.
وفي المقابل، سلط التقرير الضوء على وضع مقاطعة أونتاريو التي لا تقدم أي تمويل حكومي للمدارس المستقلة على الإطلاق. ومع ذلك، فإنها تفرض اشتراطات على تلك المدارس إذا كانت ترغب في تقديم دورات دراسية معتمدة ضمن نظام شهادة الثانوية العامة.
المفارقة، بحسب أليسون، أن أونتاريو تضم أكبر عدد من الطلاب في المدارس المستقلة على مستوى كندا، ولديها ثالث أعلى معدل تسجيل نسبي فيها، رغم غياب التمويل الحكومي.
قيود صارمة في بعض المقاطعات
بحسب الدراسة، تُعد كولومبيا البريطانية وكيبيك ومانيتوبا من بين المقاطعات التي تسجل أعلى نسب تسجيل في المدارس المستقلة بين المقاطعات التي تقدم التمويل. لكن في الوقت ذاته، تفرض هذه المقاطعات شروطًا تُعد من بين الأشد صرامة للحصول على الدعم المالي، وتشمل:
الالتزام التام بالمناهج الحكومية.
توظيف معلمين معتمدين من قبل حكومة المقاطعة.
المشاركة الإلزامية في اختبارات وتقييمات طلابية على مستوى المقاطعة.
أما في ألبرتا وساسكاتشوان، فعلى الرغم من وجود اشتراطات مماثلة تتعلق باتباع المناهج والمشاركة في التقييمات، فإن القواعد المتعلقة بمؤهلات المعلمين أكثر مرونة، حيث تتيح للمدارس هامشًا من الحرية في هذا الجانب.
الحل المقترح: التمويل عبر الأسر لا المؤسسات
وفي محاولة لكسر هذه القيود، دعا أليسون في ختام دراسته إلى إصلاح جذري في طريقة تمويل التعليم، من خلال نقل الدعم المالي من المدارس إلى أولياء الأمور أنفسهم. واقترح أن يشمل ذلك نظام إعفاءات ضريبية يتيح للآباء حرية اختيار نوع التعليم الذي يناسب أبناءهم، دون أن يكونوا مجبرين على الالتحاق بمدارس ذات مناهج موحدة.
وأكد أن هذا التوجه من شأنه أن يجعل المدارس، سواء الحكومية أو المستقلة، أكثر تجاوبًا مع تطلعات الأسر وأكثر عرضة للمساءلة من خلال ما أسماه بـ”قوى السوق”.
وأضاف أليسون:
“تحتفظ المقاطعات بحقها في التدخل لإغلاق المدارس المستقلة التي تُدرّس محتوى غير قانوني أو تنتهك المصلحة العامة، لكن لا ينبغي استخدام هذا الحق كذريعة لتقييد التنوع أو الابتكار.”
دعوة لمزيد من الشفافية
وأوصت الدراسة بإلزام المدارس المستقلة بإصدار تقارير عامة سنوية تتضمن ملخصًا للمناهج التي تعتمدها، بما يسهم في تعزيز الشفافية ويوفر صورة أوضح للآباء الراغبين في اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن تعليم أبنائهم.
وفي تعليقه الختامي، شدد أليسون على أن الزمن الذي كان فيه التعليم الموحد ضرورياً قد ولّى، وأن العصر الحالي يتطلب نظامًا أكثر مرونة وتنوعًا.
“السعي إلى نظام أكثر تنوعًا لن يلبّي فقط احتياجات وتوقعات الأسر بشكل أفضل، بل سيخلق أيضًا بيئة من التنافس البناء، ما يدفع المدارس الحكومية نفسها إلى مزيد من التحسن والابتكار.”
ماري جندي
المزيد
1