في ظل تصاعد التوتر التجاري بين كندا والولايات المتحدة بعد فرض رسوم جمركية أمريكية جديدة، دعت رئيسة وزراء ألبرتا، دانييل سميث، الحكومة الفيدرالية وزملاءها من رؤساء الوزراء إلى التحلي بالهدوء واستخدام الدبلوماسية كوسيلة رئيسية لحل الأزمة.
بعد الضربة الأمريكية..
في ظل تصاعد التوتر التجاري بين كندا والولايات المتحدة بعد فرض رسوم جمركية أمريكية جديدة، دعت رئيسة وزراء ألبرتا، دانييل سميث، الحكومة الفيدرالية وزملاءها من رؤساء الوزراء إلى التحلي بالهدوء واستخدام الدبلوماسية كوسيلة رئيسية لحل الأزمة.
تصاعد التوترات بسبب الرسوم الجمركية الأمريكية
تصاعدت الأزمة بعد أن فرض الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، رسومًا جمركية على السلع الكندية، حيث بدأ تنفيذها رسميًا في الأول من فبراير. وتضمنت هذه الرسوم ضريبة بنسبة 10% على صادرات النفط والغاز الكندية إلى الولايات المتحدة، إضافة إلى ضريبة أعلى بنسبة 25% على جميع السلع المستوردة الأخرى من كندا، مثل الأخشاب والمواد الغذائية.
ورغم أن هذه الإجراءات تسببت في صدمة كبيرة للقطاعات الاقتصادية الكندية، أشارت سميث إلى أن جهودها الدبلوماسية المتواصلة لعبت دورًا في تقليل الضرائب على صادرات الطاقة الكندية، مؤكدة أن هذه الجهود بدأت منذ أن طرح ترامب لأول مرة فكرة فرض الرسوم الجمركية بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر 2024.
دعوة إلى التهدئة بدل التصعيد
في مقال رأي نُشر في صحيفة ناشيونال بوست في 2 فبراير، أكدت سميث أن “المناقشة المنطقية الهادئة” أكثر فعالية من “خطاب الرجل القوي” عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع حليف أخطأ في تقدير الأمور. وقالت:
“بصفتي رئيسة وزراء ألبرتا، فإنني أدعو زملائي رؤساء الوزراء ورئيس الوزراء والقادة الوطنيين إلى التزام الهدوء وخفض حدة التصريحات قدر الإمكان، والاعتماد على الدبلوماسية كأداة أساسية لحل هذا الصراع.”
وبينما تفرض الولايات المتحدة ضرائب جمركية بنسبة 10% على النفط والغاز والمعادن الأساسية والكهرباء واليورانيوم المستورد من كندا، فإن المنتجات الأخرى، مثل الخشب والمواد الغذائية، تخضع لرسوم أعلى بنسبة 25%.
الرد الكندي والإجراءات المضادة
لم تقف الحكومة الكندية مكتوفة الأيدي أمام هذه الإجراءات، حيث أعلنت عن فرض رسوم جمركية انتقامية بنسبة 25% على واردات أمريكية تصل قيمتها إلى 155 مليار دولار. وتشمل هذه الرسوم مجموعة متنوعة من المنتجات الأمريكية، مثل المشروبات الكحولية، والأغذية، والأجهزة المنزلية، والأثاث، والملابس، ومستحضرات التجميل.
وأكدت وزارة المالية الكندية أن هذه الرسوم ستظل سارية المفعول إلى أن تقوم الولايات المتحدة بإلغاء تعريفاتها الجمركية على السلع الكندية.
سميث تحذر من تداعيات حرب الرسوم الجمركية
رغم أن سميث تدرك الحاجة إلى رد كندي متناسب، إلا أنها تحذر من التداعيات الاقتصادية السلبية التي قد تترتب على تصاعد الحرب التجارية. وكتبت في مقالها:
“بينما أفهم أن هذه الإجراءات ضرورية، لا يمكننا تجاهل أن حرب الرسوم الجمركية مع الولايات المتحدة ستؤثر سلبًا على ملايين العائلات والعمال والشركات في كندا.”
تأجيل الرسوم الأمريكية على المكسيك وصفقة جديدة بشأن الحدود
في 3 فبراير، أعلن ترامب والرئيسة المكسيكية، كلوديا شينباوم، عن اتفاق لتأجيل فرض رسوم جمركية أمريكية بنسبة 25% على المنتجات المكسيكية، والتي كان من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في اليوم التالي.
وبحسب ما نشرته شينباوم على وسائل التواصل الاجتماعي، فقد اتفقت الولايات المتحدة والمكسيك على عدة إجراءات، أبرزها نشر المكسيك لـ10,000 عنصر من الحرس الوطني على الحدود لوقف تهريب مخدر الفنتانيل.
جهود دبلوماسية مكثفة من سميث
في إطار جهودها لحل الأزمة، تخطط سميث للقيام برحلتين إضافيتين إلى واشنطن هذا الشهر، حيث ستحضر مؤتمر حكام الحزب الجمهوري وتجتمع مع مسؤولين أمريكيين لمناقشة ملف الرسوم الجمركية.
وكانت قد زارت سابقًا ولاية فلوريدا للقاء ترامب في منتجعه “مار إيه لاغو”، كما حضرت حفل تنصيبه لمناقشة المسألة مع كبار مسؤولي إدارته.
وأكدت سميث التزامها بالدفاع عن مصالح ألبرتا وكندا، قائلة:
“لن أتوقف أبدًا عن الترويج لقصة ألبرتا وكندا أمام أصدقائنا وحلفائنا في الولايات المتحدة. وأشجع جميع القادة الكنديين المنتخبين على فعل الشيء نفسه. إن علاقتنا مع الشعب الأمريكي أقوى وأعمق من أي زعيم سياسي، ويجب علينا تذكير الجميع بذلك.”
أمن الحدود والإنفاق العسكري: قضايا أخرى على الطاولة
إلى جانب قضية الرسوم الجمركية، سلطت سميث الضوء على أهمية أمن الحدود المشتركة بين كندا والولايات المتحدة، مشيرة إلى أن ضعف السيطرة على الحدود كان أحد الأسباب التي دفعت ترامب لفرض الرسوم.
واتهم الرئيس الأمريكي كندا والمكسيك بعدم بذل جهود كافية لمكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المخدرات، مما دفع الحكومة الكندية إلى إطلاق خطة بقيمة 1.3 مليار دولار لتعزيز أمن الحدود. وشملت الخطة نشر طائرات مروحية، وطائرات بدون طيار، وإجراءات مراقبة إضافية.
كما اتخذت بعض المقاطعات تدابيرها الخاصة لتعزيز الأمن، بما في ذلك استخدام الشرطة الإقليمية للقيام بدوريات حدودية، وهو نهج تطبقه ألبرتا بقيادة سميث.
وفي مقالها، دعت سميث الحكومة الفيدرالية إلى تعيين “قيصر حدودي”، على غرار النموذج الأمريكي، لقيادة جهود تأمين الحدود ومنع تدفق المهاجرين غير الشرعيين والمخدرات في كلا الاتجاهين.
إلى جانب ذلك، شددت سميث على ضرورة وفاء أوتاوا بالتزاماتها تجاه حلف شمال الأطلسي، بزيادة الإنفاق الدفاعي إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2027. وحذرت من أن عدم تحقيق هذا الهدف قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة، مشيرة إلى أن ترامب صرح علنًا بأن الولايات المتحدة لن تحمي أي دولة تتخلف عن تلبية هذا الالتزام.
السياسات الفيدرالية وتأثيرها على قطاع الطاقة
وفي جزء آخر من مقالها، انتقدت سميث السياسات الفيدرالية “المناهضة للطاقة”، قائلة إن الحكومة الليبرالية جعلت كندا أقل قدرة على المنافسة وأكثر عرضة للأزمات الاقتصادية.
وأشارت إلى أن عرقلة مشاريع مثل خط أنابيب BC Northern Gateway، والتخلي عن مشروع Energy East، والتردد في الموافقة على خطوط أنابيب ومحطات الغاز الطبيعي المسال، كلها عوامل أضرت بالصناعة الكندية.
وأوضحت أن هذه السياسات خلقت حالة من “عدم اليقين الاستثماري”، مما جعل كندا تعتمد بشكل شبه كامل على الولايات المتحدة كمشترٍ رئيسي لصادراتها النفطية، وهو ما جعل البلاد أكثر عرضة للخطر في ظل النزاع التجاري الحالي.
وفي ختام مقالها، دعت سميث الحكومة الفيدرالية وجميع القادة الإقليميين إلى توحيد الجهود من أجل تسريع تطوير مشاريع البنية التحتية للطاقة، مشددة على ضرورة تخفيف الضرائب المرتفعة، والحد من البيروقراطية، وإزالة الحواجز التجارية بين المقاطعات لضمان ازدهار الاقتصاد الكندي.
ماري جندي
المزيد
1