كشف استطلاع جديد للرأي أن ما يقرب من نصف الكنديين يبدون اهتمامًا بفكرة الجمع بين التأمين الصحي الخاص والنظام الصحي العام، في خطوة قد تعيد تشكيل المشهد الصحي في البلاد.
كشف استطلاع جديد للرأي أن ما يقرب من نصف الكنديين يبدون اهتمامًا بفكرة الجمع بين التأمين الصحي الخاص والنظام الصحي العام، في خطوة قد تعيد تشكيل المشهد الصحي في البلاد.
نتائج الاستطلاع: انفتاح على التأمين الخاص
تم إجراء الاستطلاع من قبل شركة “ليجر” بتكليف من منظمة SecondStreet.org، حيث تم قياس مدى اهتمام الكنديين بإمكانية الحصول على تغطية صحية خاصة بالتوازي مع النظام العام الحالي. وجاءت النتائج مثيرة للاهتمام، حيث أشار 48% من المشاركين إلى أنهم مهتمون بمعرفة المزيد عن التأمين الصحي الخاص الشامل، بينما أعرب 32% عن استعدادهم الفعلي لاختيار هذه التغطية إذا توافقت مع قدراتهم المالية.
في المقابل، أظهر الاستطلاع أن 38% من المشاركين لا يهتمون بالتأمين الصحي الخاص، بينما بقي 13% غير متأكدين من موقفهم.
الاختلافات بين الرجال والنساء
أظهرت النتائج أيضًا اختلافات طفيفة في المواقف بين الرجال والنساء، حيث بدا أن 49% من الرجال مهتمون بفكرة التأمين الخاص مقارنة بـ 46% من النساء.
الأسباب الكامنة وراء الاهتمام المتزايد
يبدو أن جزءًا كبيرًا من اهتمام الكنديين بالتأمين الصحي الخاص ينبع من المشاكل التي يواجهها النظام العام، حيث تشير الإحصائيات إلى أن:
أكثر من 6 ملايين كندي لا يملكون طبيبًا عائليًا.
حوالي 5.2 مليون كندي ينتظرون دورهم في قوائم الانتظار لإجراء عمليات طبية.
بحسب منظمة SecondStreet.org، فإن إدخال التأمين الصحي الخاص يمكن أن يساعد في تقليل الضغط على النظام العام، مما قد يؤدي إلى تحسين جودة الخدمات الصحية وتسريع الحصول على الرعاية المطلوبة.
موقف الجمعية الطبية الكندية: توازن بين القطاعين العام والخاص
في خطوة لبحث آفاق دمج النظامين، أصدرت الجمعية الطبية الكندية (CMA) مسودة سياسة عام 2024، تهدف إلى إيجاد توازن بين الرعاية الصحية التي يمولها القطاع العام وتلك التي يوفرها القطاع الخاص. وأوضحت الجمعية أنها استشارت أكثر من 10,000 طبيب ومريض ومقدم رعاية صحية قبل وضع هذه السياسة.
وقالت الجمعية في تقريرها إن المؤسسات الطبية الخاصة يمكن أن تساعد في سد الفجوات الموجودة في النظام الصحي، لكنها في بعض الحالات قد تؤثر سلبًا على الخدمات العامة عبر تحويل بعض الموارد إليها.
كما حذرت الجمعية الطبية الكندية من أن توسيع نطاق التأمين الصحي الخاص قد يؤدي إلى تفاوت في فرص الحصول على الرعاية الصحية، ويستنزف الطاقم الطبي من النظام العام، مما قد يزيد من التكاليف العامة على الرعاية الصحية.
الرؤية الاقتصادية: فرص عمل واستثمار محتمل
على الرغم من التحذيرات، فإن بعض المحللين يرون أن إدخال التأمين الصحي الخاص يمكن أن يكون له فوائد اقتصادية كبيرة.
وفقًا لما ذكره هاريسون فليمنج، مدير التشريعات والسياسات في SecondStreet.org ومؤلف التقرير، فإن تطبيق هذا النموذج قد يؤدي إلى ضخ 21.6 مليار دولار سنويًا في قطاع التأمين الصحي الخاص، مما سيساهم في خلق المزيد من الوظائف وتحفيز الاقتصاد.
وأشار فليمنج إلى أن السماح لبعض المرضى باللجوء إلى خدمات الرعاية الخاصة قد يخفف من الضغط على النظام العام، مما سيعود بالنفع على الجميع.
نموذج مستوحى من قطاع التعليم الكندي
لمقارنة هذا النهج بقطاعات أخرى، أوضح فليمنج أن كندا لديها نموذج مشابه في التعليم، حيث يستطيع الآباء اختيار بين المدارس الحكومية والخاصة، بينما يبقى الخيار النهائي بأيديهم. وبالمثل، فإن إدخال التأمين الصحي الخاص قد يمنح المواطنين حرية الاختيار، مع استمرار وجود النظام العام كخيار أساسي.
كما أشار إلى المملكة المتحدة كنموذج آخر، حيث يتعين على الأطباء العمل أولاً في النظام العام قبل أن يُسمح لهم بممارسة المهنة في القطاع الخاص، وهي خطوة يمكن أن تساعد في الحفاظ على الكوادر الطبية داخل كندا.
مخاوف من هجرة الكوادر الطبية إلى الخارج
من أبرز المخاوف التي طرحتها منظمة SecondStreet.org هي هجرة الأطباء والممرضين الكنديين للعمل في الولايات المتحدة، حيث يحصلون على رواتب أعلى وفرص أفضل.
وفي هذا السياق، صرح كولين كريج، رئيس المنظمة، بأن الإبقاء على نظام التأمين الصحي العام مع السماح بتوسيع دور القطاع الخاص قد يساهم في تقليل هجرة الأطباء الكنديين، بل ويوفر فرص عمل إضافية داخل البلاد.
كما أضاف أن هذا النظام قد يمنح بعض العاملين في القطاع الصحي، مثل الجراحين الذين يتم تحديد ساعات عملهم من قبل الحكومة، الفرصة لزيادة دخلهم من خلال العمل في العيادات الخاصة دون الحاجة إلى مغادرة البلاد.
توصيات للمستقبل: إصلاحات مدروسة للحفاظ على النظام العام
اختتم التقرير بمجموعة من التوصيات لصناع القرار، حيث شدد فليمنج على ضرورة إجراء إصلاحات مدروسة ومسؤولة تضمن توفير المزيد من خيارات الرعاية الصحية مع الحفاظ على النظام العام.
وأكد أن معظم الدول التي توفر الرعاية الصحية الممولة حكوميًا لديها أنظمة تسمح بوجود قطاع خاص مكمل، وكندا ليست استثناءً، ما يعني أن تبني مثل هذا النهج قد يكون أمرًا ممكنًا بل وضروريًا لمواكبة التغيرات الحالية.
مصداقية الاستطلاع
أجري الاستطلاع خلال الفترة من 13 إلى 16 ديسمبر 2024، بمشاركة 1515 شخصًا عبر الإنترنت، ما يجعله مؤشرًا قويًا على اتجاهات الرأي العام في البلاد بشأن هذه القضية المهمة.
ختامًا: جدل مستمر حول مستقبل النظام الصحي الكندي
بينما يرى البعض أن إدخال التأمين الصحي الخاص قد يكون حلًا عمليًا لتخفيف الضغط عن النظام العام وتحسين جودة الرعاية الصحية، يخشى آخرون من أن يؤدي ذلك إلى خلق فجوات اجتماعية بين من يستطيعون تحمل تكاليف التأمين ومن لا يستطيعون.
في ظل هذا الجدل المستمر، يبدو أن مستقبل الرعاية الصحية في كندا سيظل محورًا للنقاشات بين المواطنين وصناع القرار في السنوات المقبلة، مع ضرورة البحث عن حلول مبتكرة توازن بين الاحتياجات الصحية والموارد المتاحة.
ماري جندي
المزيد
1