في خطوة مفاجئة وضعت حدًا لتكهنات دامت لأشهر، أعلن رئيس الوزراء الكندي وزعيم الحزب الليبرالي، جاستن ترودو، استقالته رسميًا يوم الاثنين. القرار الذي كشف عنه خلال مؤتمر صحفي عُقد في قاعة ريدو بالعاصمة أوتاوا جاء بعد سباق داخلي على زعامة الحزب وتصاعد الضغوط السياسية.
في خطوة مفاجئة وضعت حدًا لتكهنات دامت لأشهر، أعلن رئيس الوزراء الكندي وزعيم الحزب الليبرالي، جاستن ترودو، استقالته رسميًا يوم الاثنين. القرار الذي كشف عنه خلال مؤتمر صحفي عُقد في قاعة ريدو بالعاصمة أوتاوا جاء بعد سباق داخلي على زعامة الحزب وتصاعد الضغوط السياسية.
إعلان طال انتظاره
في تصريحاته، أقر ترودو بأنه رغم التزامه الدائم بخدمة الكنديين، فقد أصبح الوضع في البرلمان غير قابل للاستمرار. وأوضح قائلاً:
“أنا مقاتل بطبعي، وكل جزء مني يدفعني دائمًا للقتال من أجل كندا والكنديين. لكن الحقيقة أن البرلمان كان مشلولًا لشهور. لذا، قررت التنحي لإفساح المجال لزعيم جديد يمكنه قيادة الحزب والبلاد إلى الأمام.”
هذا الإعلان جاء بعد تقارير مثيرة للجدل نشرتها صحيفة جلوب آند ميل خلال عطلة نهاية الأسبوع، والتي سلطت الضوء على نية ترودو التنحي. في صباح يوم الاثنين، التقى ترودو بالحاكم العام ماري سيمون وطلب تأجيل أعمال البرلمان حتى 24 مارس/آذار.
اضطرابات داخلية في الحزب
الحزب الليبرالي بقيادة ترودو كان يعاني من حالة من عدم الاستقرار منذ أشهر. جاءت استقالة كريستيا فريلاند، نائبته ووزيرة المالية السابقة، في ديسمبر كمؤشر قوي على التوترات داخل الحزب. تبع ذلك أسابيع من الصمت من ترودو، حيث تجنب الظهور الإعلامي وألغى مقابلاته المعتادة في نهاية العام.
في أثناء عطلة الشتاء، اضطر ترودو للتفكير بعمق في مستقبله، وسط دعوات متزايدة من داخل حزبه بضرورة التنحي لإفساح المجال لدماء جديدة.
المعارضة تطالب بالتغيير
زعيم حزب المحافظين، بيير بواليفير، لم يتوانَ عن استغلال الموقف، حيث كرر انتقاداته لترودو ووصفه بأنه “فاقد للسيطرة” على الحكومة. وأشار بواليفير إلى أزمة القدرة على تحمل التكاليف التي تعصف بالبلاد كدليل على فشل الحكومة الليبرالية.
في ظل هذه الانتقادات، تراجعت شعبية الحزب الليبرالي بشكل ملحوظ، إذ أظهرت استطلاعات الرأي تفوق حزب المحافظين على الليبراليين لأكثر من عام.
خطوات ما بعد الاستقالة
استقالة ترودو تفتح الباب أمام سباق جديد على زعامة الحزب الليبرالي. وقد أعلن رئيس الحزب، ساشيت ميهرا، عن بدء التحضير لعملية اختيار زعيم جديد، متعهدًا بأن تكون العملية “وطنية وقوية وتنافسية”.
وفقًا للدستور، سيتم استشارة أعضاء الكتلة الليبرالية لتحديد زعيم مؤقت بعد رحيل ترودو. ومن بين الأسماء المطروحة كخلفاء محتملين:
كريستيا فريلاند: الوزيرة السابقة التي تركت منصبها فجأة.
مارك كارني: محافظ بنك كندا السابق.
دومينيك لوبلانك: وزير المالية الحالي.
رؤية للمستقبل
خلال كلمته، أعرب ترودو عن قلقه بشأن تأثير خصمه السياسي، قائلاً:
“بيير بواليفير ليس الخيار الصحيح للكنديين. هذا البلد يستحق قيادة تقدمية تعكس قيمه وتطلعاته.”
رغم الانتقادات والتحديات، فإن إرث ترودو لا يمكن تجاهله. منذ انتخابه عام 2015، خاض معارك سياسية عديدة، وقاد بلاده خلال فترات معقدة، بما في ذلك الجائحة العالمية. كما أعاد ترودو الحزب الليبرالي إلى واجهة المشهد السياسي بعد أن كان في حالة ضعف شديد.
تركة زعامة ترودو
تمثل استقالة جاستن ترودو نهاية عهد شهد الكثير من الإنجازات والتحديات. باعتباره ابنًا لرئيس الوزراء السابق بيير إليوت ترودو، ترك جاستن بصمته الخاصة على السياسة الكندية، سواء من خلال سياساته الداخلية أو حضوره الدولي.
قال في ختام كلمته:
“لقد كنت فخورًا بخدمة هذا البلد منذ عام 2015، لكن حان الوقت لتقديم خيار جديد وواضح للكنديين. إذا كنت سأركز طاقتي على المعارك الداخلية، فلن أكون الخيار الأفضل.”
الطريق إلى الأمام
بينما يستعد الحزب الليبرالي لاختيار زعيم جديد، تستعد كندا لمواجهة فترة سياسية مضطربة قد تشهد انتخابات مبكرة. ويبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن القيادة الجديدة من استعادة ثقة الناخبين، أم أن المحافظين بقيادة بواليفير سيستغلون الفرصة لتولي السلطة؟
الأيام القادمة وحدها ستكشف عن مسار السياسة الكندية بعد رحيل جاستن ترودو.
ماري جندي
المزيد
1