أنفقت كندا مئات مليارات الدولارات لمساعدة العمال والشركات خلال الوباء، ما ادى الى ارتفاع دينها السيادي، لكن يبدو أن الكنديين المقتصدين في العادة لا يمانعون ذلك.
من المتوقع أن تدشن الانتخابات المبكرة الإثنين حقبة إنفاق ضخم، مع تعهد الليبراليين وكذلك المحافظين المقتصدين عادة منح مزيد من المساعدات الحكومية، وهو تحول هائل في كندا بعد عقود من التقشف.
في تصريح لوكالة فرانس برس، قالت ميغ سويني (23 عاما) وهي خريجة جامعية حديثة “لا يعني ذلك أنني لا أهتم بالديون، لكني لا أفكر فيها بقدر والديّ والأجيال السابقة التي اعتبرتها مشكلة كبيرة”.
الكنديون الذين يبلغون 65 عاما أو أكثر، والذين سيشكلون قريبا ربع السكان، ليسوا قلقين بشأن سداد الأموال المقترضة، بينما يدعم جيل الألفية زيادة الانفاق الاجتماعي رغم أنه سيتحمل كلفته على الأرجح.
وتضيف سويني “في هذه الانتخابات، أبحث عن قضايا مثل تغير المناخ والإعفاء من القروض الطلابية والعدالة الاتنية ومعالجة القضايا الاجتماعية، مثل الآخرين من جيلي”.
حلّ الوباء وكندا في وضع مالي قوي بعد حقبة طويلة من التقشف، ما سمح لها بتخصيص مئات المليارات من الدولارات للمساعدات الطارئة.
لكن ذلك كلفها تراجع تصنيفها الائتماني من “ايه ايه ايه” إلى “ايه ايه+” بحسب وكالة فيتش.
كما أدى إلى ارتفاع ديون أوتاوا إلى مستوى متوقع قدره 1,2 تريليون دولار كندي (960 مليار دولار أميركي) في السنة المالية 2021-2022، مع نسبة دين تناهز 51,2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لن تنخفض إلا بحلول 2025-2026، بعد أن كانت 31 بالمئة قبل الجائحة.
ويقترح الحزب الليبرالي بقيادة جاستن ترودو إنفاق 78 مليار دولار إضافي.
كما يعتقد منافسه الرئيسي زعيم حزب المحافظين إيرين أوتول، أن الحكومة يجب أن تنفق المزيد لدفع البلاد للخروج من الركود. ويقترح أوتول إنفاق 51 مليار دولار كندي إضافي “لمنح الاقتصاد دفعا” ومن ثم استخدام الزيادة في الإيرادات لتحقيق توازن في الميزانية في غضون عقد.
وقال أوتول للناخبين في بداية الحملة إن “محور هذه الانتخابات من تعتقدون أنه يمكن أن يخرجنا من الركود ويعيد بناء الاقتصاد”.
وأجاب ترودو عندما سُئل عن الديون “من المهم أن تكون مسؤولاً ماليا. من المهم أن نعيش في حدود إمكاناتنا. وأعتقد أن من المهم أيضا القيام بالاستثمارات الصحيحة حتى تتمكن الأجيال المقبلة من الازدهار”.
وأشار ترودو إلى أن أسعار الفائدة المنخفضة بمستوى غير مسبوق جعلت تكلفة الاقتراض رخيصة.
لكن رئيس معهد الدراسات المالية والديموقراطية بجامعة أوتاوا كيفين بايج حذر من أن هناك دائما خطرا لارتفاع معدلات الفائدة.
ورغم أن الاقتصاديين مجمعون على أن الدين في مستوى مقبول، إلا أن بايج يؤكد أن “هناك مخاوف مشروعة من أنه يمثل عائقا مفتوحا، إذ يفترض الأشخاص أنه في وجود معدلات فائدة منخفضة يمكننا زيادة الديون من دون تكاليف كبيرة”.
– الجائحة كشفت التفاوتات الاجتماعية –
يشدد جيري دياس رئيس أكبر اتحاد للقطاع الخاص في كندا على أن الوباء كشف تفاوتات اجتماعية تتطلب إزالتها الكثير من الإنفاق الجديد.
ويقول دياس “من المنطقي تماما إصلاح برامجنا الاجتماعية لتعكس الواقع”. ودعا إلى خطة عامة للأدوية ورعاية الأطفال بكلفة معقولة حتى تتمكن النساء من العودة إلى العمل بعد فقدانهن دخلا كبيرا لتحملهن العبء الأكبر من أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر طوال الاشهر الثمانية عشر الماضية.
أما الأستاذ في كلية سبروت للأعمال بجامعة كارلتون في أوتاوا إيان لي، فعبّر عن دهشته من التغيير في عقلية الناس.
وقال “أنا مندهش من تغير مواقف الكنديين تجاه الديون بشكل كبير خلال الوباء، إلى أي مدى أصبح الناس متسامحين إزاء تراكم الديون”.
وحذر لي من أن ارتفاع التكاليف، بما في ذلك كلفة الرعاية الصحية، قد يدفع الحكومة إلى تبني “تغييرات عميقة للغاية على صعيد الضرائب”.
ويعتبر الخبير أن كندا تحتاج الى مزيد من المهاجرين وإنتاجية أفضل، لكنه يأسف لأن المرشحين للانتخابات يناقشون “كيفية القيام بإعادة توزيع الدخل بدون الخوص في كيفية تأمين الثروة”.
وتقول ميغ سويني التي نشأت خلال الأزمة المالية لعام 2008 وكوارث الطقس والآن الوباء، إن “الدين السيادي هاجس ثانوي أقل أهمية في ظل كل التطورات الجارية”.
وتضيف “أفضل تركيز تصويتي ومشاركتي المجتمعية على الأمور التي أرى فيها تأثيرا ملموسا الآن، ويمكننا التعامل مع الديون لاحقا”.
المصدر .. اوتاوا (أ ف ب)
المزيد
1