و قررنا أنا و ماما إننا نخرج و نتعشى العشاء الأخير قبل سفرها ب 3 أيام..كان يوم 28 مايو وهو اليوم اللي بيتزامن مع تاريخ هجرتي لكندا، و بكده أنا بودع ماما،وكمان بودع سنة تانية لي في كندا..
و فكرت و قررت إني أخد ماما مطعم جميل جدا في منطقتنا أسمه (مزات) و هو عبارة عن أطباق كلها معتمدة على فكرة إنها مزات أو (مقبلات) و معظمها لبناني على يوناني، و على حظها كان في باند موسيقي بيعزف واحنا بنتعشى، و طبعا رحت أنا و هي و سيبنا البيبي مع روميو ياخد باله منه..
و بدأت ماما كلامها معايا و قالت لي:
و قررنا أنا و ماما إننا نخرج و نتعشى العشاء الأخير قبل سفرها ب 3 أيام..كان يوم 28 مايو وهو اليوم اللي بيتزامن مع تاريخ هجرتي لكندا، و بكده أنا بودع ماما،وكمان بودع سنة تانية لي في كندا..
و فكرت و قررت إني أخد ماما مطعم جميل جدا في منطقتنا أسمه (مزات) و هو عبارة عن أطباق كلها معتمدة على فكرة إنها مزات أو (مقبلات) و معظمها لبناني على يوناني، و على حظها كان في باند موسيقي بيعزف واحنا بنتعشى، و طبعا رحت أنا و هي و سيبنا البيبي مع روميو ياخد باله منه..
و بدأت ماما كلامها معايا و قالت لي:
“انتِ واثقة إن جوزك ده يستاهل الإقامة دي؟”
قلت لها:” مش عارفة يا ماما، بس تعرفي أنا دعيت ربنا لو فيها شر لي يبعدها، و لو فيها خير يقربها”
و حاولنا ما نتكلمش عنه كتير، و بدأت تتكلم معايا عن البيبي وقالت لي:
“دلوقتي انتِ بقيتي أم و دي مسؤولية كبيرة جدا و مش سهلة، و عايزاكي تدوري دايما على مصادر للدعم علشان ماتكونيش لوحدك”
و بصراحة الموضوع ده لوحده كان عاملي هلع مش بس خوف.. و بدأت أتخيل نفسي لوحدي مع البيبي تماما و قلت لها:
“أنا مش هستحمل انك تبعدي عني .. انتِ عارفة أنا حجزت و نازلة بعدك ب 3 أسابيع ”
قالت لي:” انتِ فاجأتيني بالخبر ده..”
قلت لها:” آه أنا عايزة انزل لأسباب كتير منها تجديد ترخيص الإرشاد، و إني اعمل سبوع للولد وسط أهلنا وحبايبنا، و كمان أتمشى على كورنيش إسكندرية.. وحشني هواء إسكندرية أوي يا ماما”
ردت ماما و قالت لي:” الكورنيش ما بقاش زي الأول، ولا اسكندرية بقت زي الأول”
قلت لها:” و لو.. إسكندرية دي كل عمري، و ذكرياتي، و حتى لو حصلها أي تشويه ما بشوفهوش عارفة ليه؟”
قالت لي:” ليه؟!”
قلت لها:” لأني بحبها جدا، و بالتالي مش فاكرة غير صورتها الحلوة و بس.. و حتى لما بنزل و بلاحظ حاجات مختلفة بتغاضى عنها تماما، والصورة القديمة هي اللي بتسيطر على قلبي، وعقلي مع بعض”
أتنهدت ماما و قالت لي:” مش عارفة أقولك إيه!.. بس طبعا أهلا و سهلا، و أكيد يا بنتي مصر بلدك في الأخر”
و بدأت من الوقت ده أول ما أتخيل إني هنزل مصر تتردلي روحي اللي حسيت فعلا إنها مش معايا و إني سيبتها في بحر إسكندرية، و ما بترجعليش إلا لما بكون قريبة منه..
و خلص العشاء، و خدت ماما على أحلى محل أيس كريم في المنطقة و اسمه (داتش دريمز) أو لو ترجمناها هتكون (أحلام هولندية)..
و ركبنا الترام و إحنا راجعين على البيت، و طلعت ماما و كملت تقفيل بقية الشنط و أنا فضلت سهرانة و مجاليش نوم أبدا، و قعدت أفكر في كل الكلام اللي دار بيني و بينها..
و عدوا آخر يومين و كان لازم اعمل استعداداتي علشان أوصل ماما المطار، و أهمها إني أشوف هروح مع مين؟ و هسيب البيبي فين؟..
و سألت جارتي اللي عندها بيبي أكبر من ابني بشوية لو ينفع تقعد مع ابني لحد ما أخد أوبر، و أودي ماما المطار و ارجع و لقيتها بتقول لي:
“و ليه أوبر؟! أنا هخلي جوزي يوديكم معاه على السكة و يوصلكم، و ارجعي انتِ على مهلك في الأوتوبيس و أنا هخلي بالي من ابنك”
طبعا موقف حلو جدا منها و يتحسب لها، وكنت في الوقت ده بحاول إني أتجنب إني أتكلم مع المغربي علشان ابعد عن المشاكل..لكن ماما صممت تتصل به قبل ما تمشي و تشكره على كل حاجة و قالت له:
“خلي بالك من بنتي دي ملهاش حد هنا”
و فعلا هو نفذ كلام ماما لما هحتاجله بعد كده..
و صحيت ماما، ولبست، وفطرت أنا و هي أخر فطار من عند الكافية اللي بتحبه(كرواسون باللوز) و قهوة.. و سيبت البيبي عند جارتي، و وصلنا جوزها لحد المطار، و ساعدنا كمان و دخل الشنط معانا بعد ما وصلنا لبوابة المغادرين..
بس قبل ما ندخل صورني أنا و ماما صورة أخيرة، بعدها مشي في حال سبيله..
و دخلت مع ماما المطار…حسيت رجلي بقت تقيلة جدا، لكن كنت بضحك على نفسي و أقول لسه في وقت، وفاضلها نص ساعه تقعدها معايا قبل ما تروح لصالة الركاب..
و بعد ما وزنا الشنط، قعدت أنا و هي نحكي و نتكلم لحد ما خلاص جت اللحظة اللي هتمشي فيها و تسيبني..
و لما قامت علشان تمشي حسيت إن الدم هرب مني و جسمي بقى بارد جدا .. حاولت اتماسك و ما اعيطش علشان ماما ما تعيطش هي كمان، و تكون أخر حاجة شايفاها مني ابتسامة مش دموع..
و قدرت بنجاح إني ارسم ابتسامة عريضة لحد ما غابت عن عيوني..
و أديتها ضهري وحاولت اني امشي و اخرج.. و هنا انعدمت الرؤية تماما بالنسبة لي، و حسيت إني تايهة، وخايفة، ووحيدة.. حسيت أحاسيس غريبة كلها مؤلمة جدا، بس كل اللي فاكراه إني كنت ماشية بالعافية، و بعيط زي بنت صغيرة تاهت من أمها و خايفة من مصيرها اللي هي اختارته بنفسها..
و عدى كذا أوتوبيس لحد ما قدرت أخذ أوتوبيس منهم.. ودخلت في نوبة بكاء هستيرية، لدرجة إن سواق الأتوبيس كان فاكر إني ضيعت الشنط، و مكنتش عارفة ارد عليه، و فضلت ساكتة و شاردة..
كان سبب بكائي الهستيري الأساسي هو خوفي .. خوفي من روميو، و إن مبقاليش حد يقف له..
و قبل ما أوصل لبيتنا رحت على جنينة، و بعت لجارتي رسالة وقلت لها أنا هتأخر ساعة و جاية على طول، و طمنتني على البيبي اللي كل و غير و دلوقتي في سابع نومه..
وصلت الجنينة دي وطلعت ورقة و قلم.. و لقيت نفسي بكتب ملخص تاني سنة لي في الهجرة، و أول سنة جواز وأنا في كندا.. و حاولت بمنتهى الحيادية مع نفسي إني أقيم التجربة كاملة علشان اعرف كل أخطائي، و أحاول أتعلم منها.. و هل في مجال للإصلاح، ولا خلاص فات الأوان؟
يا ترى الملخص ده كان عامل إزاي؟ و هل فعلا إحنا محتاجين نقيم كل مرحلة في حياتنا بالورقة و القلم؟
المزيد
1