و إعمالا بالمقولة اللي بتقول” اللي يدور يلاقي” بعد ما بحثت لقيت مكان بيساعد الناس اللي ظروفها المادية غير مستقرة، و خصوصا اللي لسه جايين جداد على كندا بأنهم من حقهم يقدموا مرة واحدة خلال حياتهم على مكان اسمه فيرنيتشر بنك أو بنك الأثاث..
و دخلت على موقع (فيرنيتشر بنك) وعرفت انه ما ينفعش أتواصل معاهم مباشرة، و لازم التواصل يكون من خلال مؤسسة تكون طرف تالت في الموضوع وهم اللي بيعملولي (ريفيرال) أو خطاب توصية موجه للبنك..
و عملت بحث منفصل و وصلت لمؤسسة اسمها (سان استيفان).كانت مؤسسة لها خدمات كتير كلها لها علاقة بالإسكان، و خدمات نفسية، وعلاجية، و كمان توجيه مباشر لبنك الأثاث..
و بعتلهم و قالوا لي:” آه إحنا ممكن نعمل لك الخطاب، بس مش مجاني و ثمنه 75 دولار و بعدها بنوجهك للبنك اللي ممكن يرد عليكي من وقت ما بتقدمي من أسبوعين لشهر على حسب المواعيد المتوفرة و جدولهم.. بصراحة كنت أتمنى يبعتولي قبل ما أولد، و خصوصا إني ما بقتش عارفة أنا اصلا هولد أمتى.. دي كلها 10 أيام و أخلص الشهر التاسع كله..
و رحت المؤسسة نفسها، و كان مقرها في دوان تاون و لاحظت إن فيها ملجأ ملحق بها خاص بالمشردين.. و بصراحة كانت حالتهم كلهم يرثى لها و صعبوا علي جدا، لأن كان باين عليهم أنهم كلهم حالتهم النفسية غير طبيعية .. و دخلت من باب الإدارة، و دفعت فلوس جواب (فيرنتشر بنك)، و خلصت كل حاجة..كان فاضل بس إن المؤسسة تبعتلي أمتى الميعاد اللي هروح فيه أخد العفش..
كان البنك ده له نظام، و له تكلفة: و هي إني ادفع 200 دولار تمن التوصيل و التركيب، و لو حسبنا التكلفة الإجمالية فهي 275 دولار في مقابل إني هفرش بيت كامل.. و هيبان وقت ما أروح إيه اللي هجيبه، و برضه هو حل مؤقت مش بطال لحد ما الدنيا تظبط معايا أنا و روميو و نفرش بيتنا فرش جديد و حلو، و كله على مزاجنا..
و حكيت لماما على الخطوة دي و كانت مش مبسوطة منها لإنه عفش قديم و مستعمل، لكن علشان ما ازعلش، و لأنها بدأت تفهم ظروفنا قالت لي:” كنت أتمنى تجيبوا حاجات جديدة و على مزاجكم، لكن معلش أكيد زي ما قولتي لما انتم الأثنين تكونوا بتشتغلوا الدنيا هتكون أحسن”
كنت بحاول أبين لماما اني مش متضايقة أبدا، لكن من جوايا كنت متضايقة، و كان نفسي افرش بيتي حلو.. لكن المثل بيقول على قد لحافك مد رجليك، و إحنا لحافنا كان قصير أوي..
و بمناسبة إقامة روميو، كان لازم يروح يعمل الكشف الطبي..كان متحدد له مكان معين يروح يعمل فيه أشعة الصدر، و مكان تاني لتحليل الدم وكانوا كلهم في منطقتنا .. لكن تعطلنا لأنهم كانوا يتكلفوا حوالي 300 دولار و كنت متوقعة انه معاه الفلوس دي لكنه فاجأني و قال لي:
“أوعي تكون مفكرة إن ال 300 دولار اللي بتسيبهوملي مصروف في الشهر بيكفوني في حاجة، دول يا دوب كارت المترو و السجاير”
و بالرغم من إني عمري ما طلبت منه حاجة أبدا يصرفها علي، إلا أن السجاير لوحدها كانت بتكلفه 150 دولار.. و كالعادة أصبح شيء غير قابل للنقاش و بصيت له و سألته:” طيب هتجيب فلوس الكشف منين؟”
قال لي:” منك.. انتِ واضح انك محوشة من ورايا و الدليل إنك بتفسحي مامتك”
قلت له:” أنا فعلا كنت محوشة شوية فلوس، بس دول مش من وراك.. ثانيا دي فلوسي.. و ثالثا والأهم فلوس الكشف أنا مش هدفع حاجة منها، دي إقامتك أنت و أنت اللي تدفع تمنها، أنا مش هدفع فيها دولار واحد.. كفاية إني أنا اللي عملتها لك على أسمي، لكن فلوس لأ لأ..”
و سكت و ما اتخانقش علشان ما يبانش لماما انه بيتخانق معايا، لكن جز على اسنانه و ساب البيت، و ماما لاحظت و سألتني.. لكن طبعا مقدرتش أتجرأ و أقولها على اللي فيها، و توهتها عن الموضوع و غيرته بسرعة..
و طبعا لأن الإقامة هي أكبر أحلام روميو اللي مش ممكن تروح من ايده، كلم أهله علشان يبعتلوه فلوس.. و فعلا بعتوله فورا و في نفس اليوم رجع وقال لي:
“خلاص أهلي بعتولي الفلوس ربنا يخليهم لي”
ابتسمت و قلت له:”أمين”
و رحنا و طبعا رجلي على رجله، و عملت معاه الكشف الطبي.. و كالعادة اتخانق في المعمل لسبب تافه جدا، و ما صدقت إننا خلصنا بعد ما وترني، و خلاني على وشك إني أولد، و أنا أصلا على أخري..
و بكده فاضل نتيجة التحاليل بعدين الملف يتعمل له مراجعة نهائية، و بعدين تطلع الإقامة..
و احتفالا باليوم ده عزمنا ماما على الكافية الإيطالي، و كالعادة روميو مكانش مستمتع بالخروجة، و كان باين عليه جدا و ماما لاحظت و قالت لي:
“هو ماله مش طايق نفسه ليه؟”
قلت لها :” عادي يا ماما ماتشغليش بالك”
كنت بحاول أداري عينيه من ماما لأني كنت عارفة إنها لو شافتها كانت هتعرف إني مش مبسوطة في حياتي، و لا سعيدة في جوازي بالمرة.. كنت بخلي بالي جدا إني دايما أبين ابتسامتي لها، لكن طبعا هي أم و حاسة بي.. و فعلا فهمت كل اللي جوايا من غير ما أقول..
و بالرغم انه كان بيحاول يلم الدور قدامها إلا إن ماما لاحظت طريقته و قالت لي:
“الرجل ده قلبه جامد أوي يا بنتي.. أنا أه مش فاهمه هو بيقول إيه، بس مش حساه حنين عليكي”
كان كلام ماما بيوجعني أوي، لأنه كان بيوصف الحقيقة في أدق صورة لها ..لكن كنت بحاول أتظاهر بالسعادة و أقول لها:
“ لا هو طيب وحنين، بس مبيعرفش يعبر معظم الوقت.. “
كانت ماما عارفة إني بكدب لكن علشان خاطري كانت بتصدق كدبي.. و أنا من كسوفي إني أقول لها إني فشلت في اختياري كنت بتظاهر بالسعادة اللي ما عشتهاش معاه..
كان وجود ماما عامل دعم نفسي كبير لي..وقتها حسيت إنها كفاية علي..كنت فرحانة إنها معايا في كل حاجة و كنت متحمسة جدا إني افسحها على قد ما أقدر قبل ما أولد.. و بدأت اخطط لبرنامج مميز في الويك اند، و طبعا فرصة إني ما اكونش في البيت مع روميو و ده اليوم اللي بيحب يقضيه في البيت و ينام على قد ما يقدر..
و فعلا انتهزت فرصة ورحلة مميزة كان منظمها المركز الفرنسي (سنتر فرانكوفون) لمكان جميل كنت عمري ما رحت له، و كانت فكرة إني أقضي اليوم كله بره مع ماما.. يا ترى رحنا فين؟

8