و جابت مديرة شؤون الموظفين الشهود و قابلتهم من غيري، و كان عددهم خمسة و كنت متأكدة أنهم سمعوا كلام الهندية لأنهم لما سمعوها كلهم بصوا علينا باستغراب و هزوا راسهم هزة تعبر عن استنكارهم لفعلها و كلامها معايا..
كانوا الشهود من القسمين: قسم خدمة العملاء و قسم إدارة الحالات، بس مكنش في من ضمنهم الكرواتية و اللي قررت إنها تمشي و تسيب الشغل قبل الموضوع ده بأسبوع لأنها كانت جابت أخرها من المشوار، و من طبيعة الشغل نفسه، و كانت نفسيتها تعبانة منه في الآخر و مشيت و هي مقررة إنها ترجع تذاكر علشان تعدي رخصة التمريض بتاعتها خصوصا إنها حاولت تعدي الامتحان مرة و هي في الشغل بس ما نجحتش و ده خلى نفسيتها تعبانة جدا في الأخر..
كان الشاهدين من قسم خدمة العملاء الموظفين الجداد ومن القسم التاني 3 شهود. كنت متأكدة إن في اثنين منهم هيقولوا كلمة الحق بنسبة 100% خصوصا إن مكاتبهم كنت جنب مكتبي على طول..
و بعتتلي مديرة شؤون الموظفين بعد ما سمعت شهادة الشهود و قالت لي:
“أنا عملت زي ما قلتِ لي و سمعت شهادة الشهود اللي انتِ بنفسك اختارتيهم، لكن للأسف كلهم اجمعوا انهم ما سمعوش حاجة من اللي قلتِ عليها”
بصراحة كلامها كان غريب جدا بالنسبة لي لأن البنت كان صوتها عالي و اتفاجأت إن و لا حد أكد كلامي من اللي بصوا و هزوا راسهم و استنكروا، لكن دلوقتي خرسوا للأبد و من غير أي مبرر!!
عرفت إني داخلة معركة خسرانة و مفيش منها فايدة.. و هنا كان لازم أرد الألم بألمين بس على طريقتي الجديدة و بخبرتي الجديدة.. الخبرة الكندية!
و بهدوء و برود تفوق على كل زملائي، بعت ايميل لمديرة شؤون الموظفين قلت لها فيه الأتي:
“أنا قررت إني أبدأ أجازة الأمومة من يوم 1 يناير 2018 و تاريخ 29 ديسمبر 2017 هو أخر يوم لي في المكتب”
بعتتلي ايميل و قالت لي:
“ لا ما ينفعش تقعدي قبل تاريخ ولادتك بكل ده”
ما استنتش و رحت طبعت الورقة من على موقع (سيرفس كندا)و اللي بتنص على إني أقعد قبل 3 شهور و اكون استوفيت شرط ال 600 ساعة عمل قبل ما اقعد..
و لما دخلت لها استغربت إني جايبة الورقة دي.. و كأنها متخيلة إني نايمة في العسل و مكنتش اعرف حاجة زي دي!!
و سكتت و كان ده أول ألم على وشها لأنها كانت ظالمة، و كانت عارفة إن الهندية غلطانة و عمرها ما نصفتني و مكانتش المرة الأولى اللي أعاني فيها من حقدها و ظلمها..
أما المشرف اللي كان في أجازة فاتصلت به و جه على ملا وشه و حاول يترجاني إني ارجع في كلامي لأنه بالشكل ده هيقطع إجازته و هينزل هو شخصيا بدالي، لكن أنا رفضت رفض قاطع..
طبعا الهندية اتلمت جدا و كنت اليومين دول بالرغم إن ماحدش عملها حاجة، لكن كانت حاسة بشكل أو بأخر إن الأنظار عليها..
و برضه انا ماكفانيش إني أقف عند النقطة دي.. و قررت إني اتصل بوزارة العمل و اعمل شكوى فيها ملخصها إنها عاملتني لمدة كبيرة باضطهاد ..و فعلا قدمت فيها شكوى و بقى عندي رقم ملف، لكن للأسف قالوا لي إن التحقيق هيبدء كمان شهر ، يعني هكون أنا في إجازة الأمومة .. ساعتها قلت مش مشكلة، أهو اكون قاعدة في بيتنا و برضه عاملالهم صداع لأنهم يستاهلوا..

و كان الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر و حسيت إن محدش واقف فوق رأسي خلاص ،و حسيت فعليا اني بخلص من مكان قيوده كانت وصلت لرقبتي و عقلي قبل أي شيء تاني..
كنت بتعامل في الأسبوع الأخير ده بمبدأ اللي هيضايقني أنا هعوره، و كان فعلا الكل بيتجنبني و بعدين انا هعوز منهم إيه!! ده وقت الشدة كله أتخلى عني و محدش قال كلمة الحق..
كنت بروح أخر أسبوع و أنا نفسي مسدودة من الوشوش الكتير اللي كانت غالبا بلاقيها مبتسمة دايما، لكن للأسف كلهم اثبتوا لي إن ابتسامتهم صفراء و محدش فيهم ابتسامته من القلب..
أما العملاء و اللي كانوا بيتصلوا بي كتير جدا و يرموا علي بلاويهم، فكنت جبت أخري منهم هم كمان .. و كنت ما بصدق ألاقي أي حد يتنطط أو يتنك كالعادة و كنت بحاول أخد بحقي السنة اللي فاتت دي كلها و أنا في مرحلة حلاوة الروح..
بقيت برد عليهم كلهم و بقيت مقتنعة إن الأسبوع ده أسبوع انتقام من كل الناس و من أي حد ضايقني و لسه بيضايقني، و من مكان كرهته جدا و كان ضد طموحي و خبراتي و كفاءتي .. مكان كانوا شايفين فيه إن المهاجر الجديد لازم يبدأ من الصفر و يستحمل كل أنواع العجرفة من اللي حواليه لمجرد انه ما اتعلمش في كندا ولا عنده الخبرة الكندية، و هم كتر خيرهم منوا عليه و منحوه الخبرة دي.. بس السؤال هنا الخبرة دي في مجال خدمة العملاء يعني بعد كده اللقب ده هيكون هو اللي لزق في و مش حاجة تانية..
كنت بزعق للعملاء و بقفل في وشهم السكة.. و بالرغم إني في خلال سنة كاملة مجاش ضدي أي شكوى، إلا إن الأسبوع الأخير كان كله شكاوي و كان المشرف مش ملاحق، و لكنه في قرارة نفسه كان حاسس بي و كنت بحس إني صعبانة عليه حتى وهو ساكت و ما بيقولش حاجة..
كنت بعد الساعات قبل الأيام لحد ما أوصل لليوم الأخير لي في الشغل علشان أودع به سنة كاملة من العذاب، خصوصا مشوار المواصلات اللي كرهني في كل أنواع المواصلات في حياتي.. و خلاص فاضل كم يوم و اقعد في البيت..
و رجعت البيت و حكيت لروميو على كل اللي حصل، و صدمته بفكرة إني خلاص هقعد من الشغل كمان أسبوع و ده معناه إني من أول يناير هيكون مرتبي 1400 دولار بدل 2300 و دي كانت صدمة كبيرة بالنسبة له..
كان بيعلي صوته و بيتكلم وانا مكنتش سمعاه خالص، بل بالعكس كنت سامعة صوت نفسي اللي كان أعلى من أي حد، و لما خلص زعيقه و ثورته رد و قال لي:
“طيب و العمل؟”
قلت له:” انك تدور على شغل ثابت و أنا هساعدك زي ما عملت قبل كده”
و فعلا الكام يوم دول كان كل هدفي أدور معاه على شغل لحد ما لاقينا مصنع و مرتبه كويس مقارب على ال 1600 دولار و ده أعلى مبلغ ممكن يكون روميو مسكه في حياته و كان الانترفيو أول يوم في يناير..
وقتها شكرني و حاول يلطف الجو بينه و ما بيني و قال لي:
“ النهاردة ليلة الكريسماس بصي على الثلج .. ليلة بيضاء زي ما بتحبي تمام.. اطلعي البسي و خليني اصورك قدام البيت.. أنا عارف انك بتحبي تحتفظي باللحظات دي”
و فعلا طلعت لبست و اتصورت و الثلج بينزل علي و أنا فرحانة جدا لأني خلاص كلها أيام و هقعد في البيت، و ابدأ مرحلة جديدة من حياتي..
و عدى كم يوم و كنت بروح الشغل و أنا دماغي كلها في الإجازة، و خلاص اخيرا هتجيلي الفرصة إني أخد بالي من نفسي شوية..
لحد ما جه اخر يوم وكان يوم الجمعة- 29 ديسمبر 2017.. يا ترى اليوم ده عدى إزاي؟

7