و رجعت على الشغل و كان يوم فيه عاصفة ثلجية و كأني رجعت من الجو الدافي اللي في المكسيك لجو كندا بدون سابق إنذار..
لما وصلت المكتب كانت زميلتي الرومانية الطيبة مستنياني و عينيها كلها فرحة، و حسيت إن عندها خبر حلو.. و فعلا كان عندها بشرة خير و جت لعندي و قالت لي:
“احنا حظنا حلو جدا.. البرلمان وافق على أن إجازة الأمومة ممكن الأم تقدم عليها قبل تاريخ الولادة ب 3 شهور بدل شهرين”
حضنتها و كنت فرحانة جدا بالخبر، و بصراحة كان نفسي أسيب الشغل فورا، لكن رحت للمشرف و قلت له:
“أنا عايزة اقدم إجازتي بدل فبراير تكون الأسبوع التاني من يناير لأني تعبت جدا، و المشوار بقى تقيل علي خصوصا المواصلات مع الجو مع الحمل بقى عذاب لا يحتمل”
وشه جاب ألوان كالعادة و قال لي:
“بس أنا مراتي هتولد كمان أسبوع و أنا ناوي اقعد أجازة من الأسبوع الجاي لحد نص يناير، و مش هينفع خالص للأسف”
مكنتش مقتنعة بكلامه لانه بيدور على مصلحته، لكن طبعا ما بيدورش على مصلحتي..
قلت له:” أنا هحاول أشوف هعمل إيه، لكن لو ما قدرتش.. أنا هقعد من نص يناير لأني حقيقي تعبت”
و بدأت استغل الوقت لما كنت في البيت و بدأت أشوف المرحلة اللي جاية دي هتكون متطلبة مني إيه.. و فهمت انه من اكتر الحاجات اللي لازم استعد لها هي موضوع التقديم على الروضة المدعمة – Subsidized Daycare
و ده نظام عملاه الحكومة انهم بيساعدوا به الأسر اللي دخلها منخفض أو متوسط، و بتساهم معاهم بنسبة ممكن توصل ل 80% من سعر الروضة اللي بتبدأ من عمر شهور لحد ما الطفل يوصل لسن حضانة المدرسة، ولأنها مش مجانية فالحكومة عاملة نظام لمساعدة الأسر ذوي الدخل المحدود انهم يدخلوا أطفالهم الروضة و ممكن تدفع الأسرة مبلغ يتراوح من 250-400 دولار في الشهر بدل ما تدفع 1500 دولار للطفل الواحد في أونتاريو‏.. و اللي تعتبر أغلى مقاطعة في موضوع روضة الأطفال..
لكن التقديم على الطلب ده يستحسن يكون بدري.. و اللي اكتشفته من بحثي الدؤوب أنه يفضل إن الأم تبدأ في الطلب من و هي حامل أصلا، و بصراحة ما اترددتش ، و قمت بتقديم الطلب و أنا في الشهر السادس من الحمل علشان تجيلي موافقة الحضانة المدعمة و اللي طبعا كنت متأكدة إني هحتاجها بعد ما تخلص إجازة الأمومة بتاعتي لما تخلص السنة..
و جالي رقم ملف و بكده بقى كمان عندي ملف متقدم عند الحكومة خاص بالحضانة المدعمة.. بدل ما استنى على آخر لحظة، لأن محدش عارف الدنيا مخبية للواحد إيه!
و احتفظت بالخطوة دي لنفسي و ما قلتش لروميو عليها لحد ما ييجي وقتها..
أما روميو فكان بيحاول يحسن علاقته معايا خصوصا انه كان حاسس إني اتغيرت تماما، و كنت بعمل كل حاجة لوحدي، و ما بقتش بشاركه في أي حاجة..
و كمحاولة منه انه يبين لي انه قد المسؤولية نزل شغل مؤقت و كان بيحاول يجيب أي فلوس يساعدني بها، لكن كانت فلوس قليلة جدا مقارنة بالألفين دولار مرتبي اللي حطيتهم كاملين علشان اغطي إيجار الشهر خصوصا إن جارنا الأسباني مسافر كمان يومين و كان دافع بس نص شهر ديسمبر..
و جالي روميو و قال لي:
“روزة حبيبتي.. بصراحة أنا صعبان علي انك حطيتي تقريبا كل مرتبك في الإيجار و أنا ما قدرتش أجيب فلوس اكتر من 200 دولار.. و كتر خيرك لما سافرتي قولتيلي أبقى اصرف ال 300 دولار اللي كنت عايز اديهوملك في الأول و انتِ ما رضيتيش و فعلا صرفتهم على نفسي.. “
أتنهدت و بصيت له و قلت له:” انت بتسمع لي مأساة حياتي.. في أي حاجة مطلوبة مني زيادة؟”
قال لي:” لا أبدا.. أنا بس بحاول افكر معاكي بصوت عالي و عايز افكرك انك قلتِ قبل كده انك ممكن تأجري الأوضة باليوم”
قلت له:” آه صح معاك حق.. إحنا فعلا ممكن نعمل كده”
و دخلت على موقع (بوكينج) وعرضت الاوضة للأيجار اليومي، و لكن ماكنش الموضوع بالسهولة اللي كنا متوقعينها..
و فضلت الاوضة يبان إن ناس بتحجزها لكن يرجعوا يلغوا الحجز على أخر لحظة و محدش كان بيبجي فعليا.. و طبعا مكنش حد بيدفع لنا حاجة..
و هنا قعدت مع روميو و صارحته بمخططي إني نفسي اقعد من الشغل بدري لأني تعبت جدا و عايزة أبدأ أجازة الأمومة خصوصا إنها قانونيا من حقي، وطبعا وشه جاب ألوان تمام زي المشرف بتاعي و قال لي:
“طيب ما تصبري شوية لحد ما ألاقي شغل ثابت”
قلت له:” أنا مقررة اقعد من نص يناير فاعمل حسابك تمسك شغل قبل التاريخ ده.. أنا تعبت و مش قادرة خلاص على المشوار ده”
و كالعادة قعدت أدور معاه على شغل و أقدم له على أمل انه يمسك شغلانة ثابتة من أول السنة الجديدة..
و بدأ الأسبوع الثالث من ديسمبر و خد المشرف أجازة، و لكن حصلت حاجة فاقت توقعاتي..
قبل ما يمشي طلبوا منه في الشغل انه يعين حد مشرف بداله على الفريق، و هنا أختار البنت الهندية الحقودة اللي كانت متربصالي و واقفالي على الواحدة و عاملة رباطية مع المديرة الكاريبية..
لما عرفت الخبر ده نزل علي زي الصاعقة و كنت متخيلة إنها فرصة جت لحد عندها إنها توريني النجوم في عز الظهر..
و فعلا مسكت البنت القسم و كانت بتتعامل بتعالي شديد و كانت بتتعامل بتفرقة كبيرة بين الفريق.. يعني كانت لطيفة و مسهتنة مع الكرواتية، و هادية خالص مع الصيني، لكن معايا كانت نار على زيت حار..
كانت بتحاول ترسم نفسها علي جدا و تبين إنها شايفة شغلها.. بس علي أنا بس..
و فضلت أعدي و أطنش غلاستها على قد ما اقدر .. و صبرت عليها كتير.. لكن للصبر حدود..
لحد ما جه يوم كنت حاطة على السيستم إني مش متاحة لأني كنت بخلص تقرير مهم. وهنا وبمنتهى الوقاحة لقيتها جايالي و بتخبط لي على مكتبي و بتقول لي:
“ممكن افهم انتِ ما بتاخديش مكالمات ليه؟!.. لما انتِ قاعدة و ما بتاخديش المكالمات مين بقى اللي هياخدها؟! أنا مثلا!!”

قلت لها:” و ليه لا ما تاخديها انتِ دي حاجة.. ثانيا الساعة 4:55 دقيقة يعني فاضلي 5 دقايق و اروح و عايزة اخلص تقرير مطلوب مني قبل ما امشي من قسم التحصيلات.. و ثالثا و الحاجة الأخيرة ما تروحي تعملي مشرفة على باقى الفريق، و لا أنتِ مشرفة علي أنا بس؟!!..”
طبعا كلامي نرفزها جدا و لقيتها بمنتهى الوقاحة و انعدام الأخلاق بتعلي صوتها علي و بتقول لي:
“انتِ أسلوبك سخيف جدا، و قمة في الغباء”

طبعا إهانة مباشرة و كنت على شعرة إني أنزل فيها ضرب، لكن تمالكت أعصابي و قبل حتى ما ارد الإهانة بإهانة كنت اتأكدت إن كل القسم سمعها و بالتلي معايا شهود كتير و ده في مصلحتي علشان لما اشتكي لشؤون الموظفين يكون معايا شهود في صفي..
و فعلا رجعت مكتبي و بعت شكوى كبيرة لشؤون الموظفين قبل ما امشي، و أول ما رحت الشغل الصبح دخلت للمديرة أم ضحكة صفراء علشان أتأكد إن الايميل وصلها و أكدت انه وصلها و محتاجة تسمع شهادة الشهود اللي أنا قلت عليهم في الايميل..
و جابت الشهود علشان تسمع شهادتهم.. يا ترى الشهود قالوا كلمة حق،و لا لأ؟!

7