القلق جزء من طبيعتنا البشريةووظيفته منذ الأزل هو الحفاظ على حياتنا من الخطر.
خوفك الكبير على حياة طفلك عندماكان رضيعا ربما قد حرمك النوم لشهور وأضاف لوجهك بعض الهالات السوداء ولكنه حماهمن الأذى وأبقاه على قيد الحياة.
قلقك من الرسوب في الامتحان دفعك للاستذكار والتركيز،وفعلا نجحت وتغيرت حياتك للأفضل.
خوفك من التعرض لحادث على الطريق، أبقاك مستيقظاًعلى الطريق السريع وانت مسافر طوال الليل وبالتالي حافظ على حياتك.
آذن الخوف فطرةأساسية وظيفتها بقاءنا على الحياة بشكل عام وعلى صحتها وصالحها في شتى مناحي الحياة.
٬إذا يحدث إذن في حالة اضطراب القلق أو الخوف المرضي؟ كيف يحفز مخك على القلق؟المخ هو المدير العام للجسم كما نعلمودوره الرئيسي هو ادارة كل الأعضاء بشكل يضمن الحفاظ علي حياتك وصحتك وعلي منتحبهم بالأكيد. لذلك يقوم بإرسال إنذارات لأعضاء الجسد الأخرى لحظة إدراكه لأي خطرخارجي، فإذا كان هناك حيوانا مفترسا يلاحقك، ستجري أفضل من العدائين المحترفين علىالأرجح او ستتجمد في المكان وتتظاهر بالموت. وإذا كنت مثلاً مصاباً باضطراب تشتتالانتباه ولا نلاحظ التفاصيل، ستشاهد هذا الاضطراب ينسحق عندما تكون بصحبة طفلك فيمركز تسوق أو حديقة ملاهي مزدحمة.
و ستبقى انتباهك علي طفلك وكأنك حارس شخصي محترفذلك لأن مخك يرسل دعم زائد لأي مركز يحتاجه لواجهة ما يراه مخك خطرا وفي تلكالحالة فإن مراكز التركيز في المستعمل على مستوي اعلي من عادتها.
وظيفة مخك باختصار هي ان يبقيك حياً لا ان يبقيكسعيداً.
وهنا قد يبدأ الاضطراب إذا اساء المخ تقدير الموقف أو حجم الخطر.
كيف يحدث الاضطراب؟الفص المركزي بالدماغ هو الجزءالمسؤول عن ملاحظة الخطر أو الأذى المتوقع في البيئة الخارجية وكذلك التذكير بهمستقبلاً وتحفيز الجسم على اتخاذ خطوات دفاعية سواء عن طريق الهروب أو التجميد أوالقتال وكأنه جرس الإنذار في الجسد.
الا ان وظيفة الفص المركزي قد يحدثبها بعض الخلل اما لأسباب وراثية أو أسباب اختيارية مرتبطة بالتعرض لتجربة أليمةأو صدمة.
في حالة العامل الوراثي نجد ان الشخصالذي يعاني من اضطراب القلق وبرغم عدم تعرضه لصدمات نفسية او جسدية، يظل متوقعاللأسوأ متحفزا تجاه بعض الأنشطة او التصرفات التي يتعامل معها المخ وكأنها مصدرامتوقعاً للأذى ولكن تختلف حدة الاضطراب من منش شخص لآخر.
فيحالة الصدمة العنيفة وإذا فشل المخ في حماية الإنسان وقتها، يخزن الفص الأمامي كلالمعلومات المرتبطة بالواقعة من رائحة، صوت، صور ثم يستدركها لاحقاً وقت وجودتشابه في الظروف المحيطة بموقف ما بنظيرتها التي أحاطت الواقعة المؤلمة.
وبمجرد ان ان يرصد تشابهاً، يطلق إنذاراتتحذيرية ضد الخطر الزائف محاولة منه من منع تكرر التجربة السابقة.
للأسف لا يستطيع المخ التعافي الكاملبعد الصدمة وقد يبدأ في إنذارات تحذيرية خاطئة ويصبح أشبه بالمنبه المكسور.
بعض الأمثلة على حدوث اضطراب في أداءالفص المركزي بعض الصدمات:
1.
طفلة كانت بصحبة أمها في المصعد وعند لحظةالخروج، اغلق الباب عليها بعد ان خرجت أمها وصعد المصعد لدور اخر وكان هذا في بنايةكبيرة لا تعرفها الطفلة وسريعاً ما تدخل الأمن واحضرها لأمها.
إلا أنه بعد الحادث،أصبحت الطفلة تخاف من الدخول الي المصعد حتى في بنايتهم التي تعرفها جيدًا.
لقدحول المخ حادث انفصال الطفلة عن أمها الي خوف مرضي من أي مصعد وأي مكان مغلق. لقد أصبحلدي هذه الطفلة ما يعرف بـ الفوبيا من الأماكن المغلقة وهو اضطراب قلق مرتبط بمكاناو شيء معين وليس عاماً.
2.
طفلة تعرضت لسوء المعاملة و التنمر في المدرسة منأصدقائها لعدة سنوات.
عندما انتقلت إلى مدينة جديدة ومدرسة جديدة، بدأتتظهر عليها أعراض القلق الاجتماعيوهو قلق مرتبط بالتواجد في مجموعة وقد يشمل محاولة تجنب الاختلاط بالآخرين اوالتحدث داخل الفصل الدراسي خشية السخرية والتنمر وشمل شكوكاً في محاولة أصدقائهاإلحاق الأذى بها والتحدث عنها بشكل سلبي في غيابها.
في هذه الحالة، قد ربط المخهنا بين الرفاق والأصدقاء وتوقع الأذى.
وبمجرد تواجد عوامل تشابه مع مجموعة الرفاق السيئة من الماضي، يحدث الخوفغير المنطقي.
العوامل المشتركة هنا شملت طبيعة الدائرة الاجتماعية(الرفاق)،والمكان (المدرسة) والارتباط العاطفي (هي تحبهم كما كانت تحب رفاقها القدماء).
العلاج بالأدويةفي حالات الخلل الوراثي خاصة إذا كانالخلل قوياً، يمكن ان يستفيد المريض من بعض مضادات القلق ولكن الكثير منها لهتأثيرات جانبية سلبية كزيادة الوزن والخمول وغيرها.
العلاج بالجلسات النفسية يعد العلاج بالجلسات النفسية هو الأكثر نجاحاودواماً على مدى البعيد لأنه يُعلم المريض مهارات يمكنه الانتفاع بها حتى بعد توقفالجلسات والى مدى الحياة وتساعده على فهم نفسه ودوافعه وارتباط تصرفاته بمشكلاتالطفولة او التجارب الأليمة السابقة التي مر بها ويخزنها عقله الباطن بدافع حمايتهفي المستقبل.
الجلسات النفسية يمكنها إعادة برمجة المخ بحيث يتوقف عن إساءة الحكمعلي بعض الأحداث أو الأشخاص واعتبارهم مصدرا للخطر، ويعيد تدريب الجسم على التأنيفي ردود الأفعال وعلى تحويل مسار الأعصاب والأعضاء إلى حالة أكثر استرخاءاً.
بعض أنواع الجلسات العلاجية:
§ العلاجالإدراكي السلوكييتعلم المريض من خلال هذا النوع منالجلسات تفنيد أفكاره وفهم تأثيرها على عواطفه وكذلك وردود أفعاله بالتبعية.
يتعلمالمريض ايضاً جمع البراهين على صحة ما يؤمن به من عدمها.
فيكتسب مهارة يمكناختصارها فيه.
§ العلاجالجدلي السلوكيوفيه يتعلم المريض عن رد فعل جسدهتجاه المؤثرات الخارجية التي تسبب له الهلع وعلاماته كارتفاع حرارة الجسد وتقلصالعضلات وجفاف الحلق وما إلى ذلك.
يتعلم المريض ايضاً كيف يتقبل تلك العواطف علىأنها عرض وليس جزءً من شخصيته وتكوينه وبالتالي يستطيع التعامل معها بشكل أكثرحيادية.
يتدرب المريض ايضاً على انشطة بدنية هدفها تغيير تحويل المخ من مسارهالانفعالي المبالغ فيه الي مسار أكثر إسترخاء.
يشمل التدريب على تمرينات التنفس، والتأمل واليوجا وتفعيل الحواس الخمسة.
ان الجسد في وقت الهلع يري كل شيء على انه مصدرا للخطر ولذلك فان تمرينات التأثرتتدخل لكسر تلك الحلقة.
أخيراً، برغمأن المخ يتعرض للخلل نتيجة لخبرات سابقة سيئة يحاول بعدها يحمي الإنسان من تكرارها.
الا أن الهلع المرضي يُعرض صاحبه للخطر من نوع آخر، بل وقد يحرمه من حياة حرةوكريمة.
فكم من شخصا فقدنا علمه لأنه انهزم أمام هلعه من التحدث العام ولم يشاركهمع العامة؟ وكم من فنان موهوب لم نستمتع بإبداعه لأنه هاب الوقوف علي خشبة المسرح؟القلق الطبيعي يُحفز على النجاح ويحفظالحياة.
لكن لقلق المرضي يعطل الحياة أو ربما يقتلها كلية لأنه يشكل خطراً وجودياًعلى هوية وقدرات وطموح صاحبه.
إذا كانقلقك يحرمك من فعل ما تحب أو يقيد حياتك، ابحث عن العلاج واكسر قيود خوفك.
لمزيد منالموضوعات او حجز استشارة خاصة،اونلاين،يمكنك زيارة الموقع الالكتروني: https://www.amiraissa.net
https://www.amiraissa.net/?fbclid=IwAR1hqK5WwINffOQH2j4aS6xxeqU9GBgDAMr6Plh0Thy7Y7mvbSWVZauRpu0
المزيد
1