في السنوات الأخيرة، أصبحت إنفلونزا الطيور مصدر قلق كبير في الولايات المتحدة، حيث أدت إلى خسائر فادحة في مزارع الدواجن والألبان، وتسببت في ارتفاع أسعار البيض بشكل ملحوظ منذ اكتشافها لأول مرة في أمريكا الشمالية أواخر عام 2021. ولكن بعيدًا عن تأثيرها على الإنتاج الزراعي، كيف أثّر الفيروس على الطيور البرية؟ وما مدى خطورته على الإنسان؟ والأهم، هل لا يزال بإمكاننا استخدام مغذيات الطيور في الفناء الخلفي؟
في السنوات الأخيرة، أصبحت إنفلونزا الطيور مصدر قلق كبير في الولايات المتحدة، حيث أدت إلى خسائر فادحة في مزارع الدواجن والألبان، وتسببت في ارتفاع أسعار البيض بشكل ملحوظ منذ اكتشافها لأول مرة في أمريكا الشمالية أواخر عام 2021. ولكن بعيدًا عن تأثيرها على الإنتاج الزراعي، كيف أثّر الفيروس على الطيور البرية؟ وما مدى خطورته على الإنسان؟ والأهم، هل لا يزال بإمكاننا استخدام مغذيات الطيور في الفناء الخلفي؟
ما مدى انتشار الفيروس بين الطيور البرية؟
أصاب فيروس إنفلونزا الطيور أكثر من 170 نوعًا مختلفًا من الطيور البرية في أمريكا الشمالية، بما في ذلك البط والإوز والنوارس والبوم والنسور وغيرها. ووفقًا لوزارة الزراعة الأميركية، تم تأكيد إصابة أكثر من 12 ألف طائر منذ بدء تفشي المرض. لكن هذا العدد قد يكون أقل بكثير من الرقم الحقيقي، إذ إن معظم الطيور النافقة لا تُرسل إلى المختبرات للفحص، مما يعني أن الإصابات الفعلية قد تكون أعلى بكثير.
الطيور المائية: الناقل الصامت للفيروس
يعتبر البط البري من بين الطيور التي يمكن أن تحمل الفيروس دون أن تظهر عليها أعراض واضحة، لأن هذه الطيور قد تكيفت تاريخيًا مع هذا النوع من الفيروسات. ومع ذلك، فإنها قد تنقل المرض عبر لعابها أو برازها، مما يشكل تهديدًا للطيور الأخرى وحتى لبعض الثدييات، مثل الثعالب.
الطيور المهاجرة والتجمعات الكبيرة: الفئات الأكثر تأثرًا
الطيور التي لا تملك مناعة طبيعية ضد الفيروس أو التي تعيش في أسراب كبيرة، مثل الأوز، تكون أكثر عرضة للموت بأعداد كبيرة. ففي يوتا، تسبب انتشار الفيروس مؤخرًا في نفوق ما بين 15,000 و25,000 طائر من نوع الغطاس المهاجر ذي الأذنين بالقرب من بحيرة الملح الكبرى، مما يوضح مدى خطورة المرض على الأنواع التي تعيش في تجمعات كبيرة. كما تتأثر الطيور البحرية بشدة، نظرًا لأنها تميل إلى العيش في مستعمرات ضخمة، ما يسهل انتقال العدوى بينها بسرعة.
الطيور المغردة: فرص أفضل للبقاء
أما الطيور المغردة مثل الكاردينال الشمالي والجاي الأزرق والقرقف، والتي تُعد من الطيور التي تزور مغذيات الفناء الخلفي، فيمكن أن تصاب بالعدوى أيضًا. ومع ذلك، فإن انتشار الفيروس بين هذه الأنواع أقل خطورة لأن هذه الطيور لا تعيش عادةً في مجموعات كبيرة، مما يقلل من احتمالية تفشي المرض على نطاق واسع بينها.
كيف يمكن التعرف على الطيور المصابة؟
تتنوع أعراض إنفلونزا الطيور بين الطيور البرية، لكنها غالبًا ما تشمل:
عدم القدرة على الطيران أو فقدان التنسيق الحركي.
ضيق التنفس وصعوبة في التنفس بوضوح.
سلوك غير طبيعي، مثل البقاء في أماكن مكشوفة أو عدم القدرة على الفرار عند الاقتراب منها.
ينصح الخبراء، مثل الدكتورة دانا فرانزين كلاين، بعدم التعامل المباشر مع الطيور التي تظهر عليها هذه الأعراض، وبدلاً من ذلك، يجب الاتصال بمختص في إعادة تأهيل الحياة البرية لإبلاغه بالحالة. أما إذا كان من الضروري التعامل مع طائر مريض، فمن الأفضل ارتداء قفازات وكمامة كإجراء احترازي.
هل من الآمن الاحتفاظ بمغذيات الطيور في الفناء الخلفي؟
رغم المخاوف المتزايدة حول انتشار إنفلونزا الطيور، يقول الخبراء إن مغذيات الطيور في الفناء الخلفي لا تشكل مصدرًا رئيسيًا للعدوى. ومع ذلك، هناك بعض الاحتياطات التي يُنصح باتباعها:
تنظيف مغذيات الطيور وصناديق التعشيش بانتظام لتقليل خطر انتشار الأمراض.
إزالة المغذيات في حال تربية الدجاج المنزلي، حيث يمكن أن تسهم الطيور البرية في نقل الفيروس إلى الدواجن.
التأكد من عدم وجود طيور مريضة أو نافقة بالقرب من المغذيات، واتخاذ الاحتياطات عند التعامل معها.
كيف أثّر الفيروس على الطيور المهددة بالانقراض؟
كان للفيروس تأثير كبير على بعض الأنواع المهددة بالانقراض، مثل طيور الكندور الكاليفورنية. ونظرًا لخطورة الوضع، أطلق العلماء برنامج تطعيم لحماية هذه الطيور النادرة، رغم أن هذه الاستراتيجية غير قابلة للتطبيق على معظم الطيور البرية الأخرى.
أما النسور الصلعاء، فقد عانت بشكل كبير من تفشي الفيروس. ولأنها من الطيور التي تتغذى على الجيف، فإن تناولها لطيور مصابة، مثل البط، ساهم في انتقال المرض إليها. في عام 2022، تم الإبلاغ عن 427 إصابة مؤكدة بين النسور في الولايات المتحدة، مما أثر على أعدادها بشكل ملحوظ. لكن هناك أخبارًا مشجعة: فقد شهد عام 2023 انخفاضًا كبيرًا في عدد الإصابات بين النسور، حيث تم تسجيل 48 حالة فقط، مما قد يشير إلى أن الطيور التي نجت قد طورت بعض المناعة ضد المرض.
مؤشرات على التعافي وأمل في المستقبل
رغم التأثيرات السلبية الكبيرة لإنفلونزا الطيور، هناك مؤشرات على تحسن الوضع. في موسم الهجرة الأخير، شهد الباحثون عددًا قياسيًا من النسور الصلعاء المهاجرة عبر شمال مينيسوتا، وهو دليل على أن بعض الأنواع بدأت تتكيف مع المرض.
وفي النهاية، يوصي الخبراء بالتركيز على حماية الطيور البرية من خلال الحفاظ على بيئاتها الطبيعية، وتقليل العوامل الأخرى التي تهددها، مثل التلوث والمبيدات الحشرية. كما يظل اتخاذ الاحتياطات المناسبة عند التعامل مع الطيور البرية هو أفضل وسيلة للحد من انتشار الفيروس، مع الاستمرار في الاستمتاع بمراقبة الطيور في الفناء الخلفي بأمان.
ماري جندي
المزيد
1