شهدت جبال ألبرتا هذا الأسبوع حادثين مأساويين أوديا بحياة متزلجين في منطقتين مختلفتين، حيث تسببت انهيارات جليدية منفصلة في وقوع خسائر بشرية على الرغم من تحذيرات السلطات من مخاطر التزلج في المناطق النائية خلال هذه الفترة.
شهدت جبال ألبرتا هذا الأسبوع حادثين مأساويين أوديا بحياة متزلجين في منطقتين مختلفتين، حيث تسببت انهيارات جليدية منفصلة في وقوع خسائر بشرية على الرغم من تحذيرات السلطات من مخاطر التزلج في المناطق النائية خلال هذه الفترة.
الانهيار الأول: كارثة قرب منتجع بحيرة لويز
في حوالي الساعة 3:45 عصر يوم 14 مارس، تلقت الشرطة الملكية الكندية في ألبرتا بلاغًا يفيد بوقوع انهيار جليدي خطير بالقرب من منتجع بحيرة لويز الشهير للتزلج. وعلى الفور، هرعت فرق الطوارئ إلى الموقع في محاولة لإنقاذ المتزلجين الذين قد يكونون عالقين تحت الثلوج.
ووفقًا لتقرير الشرطة، فقد كان هناك شخص مجهول المصير عقب الانهيار، مما أثار مخاوف من احتمال تعرضه للدفن تحت طبقات الجليد السميكة. لاحقًا، أكد ستيوارت برايدو، أحد مسؤولي الطوارئ الطبية في خدمات الصحة بألبرتا، في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى صحيفة إيبوك تايمز، أن أحد المتزلجين قد لقي مصرعه جراء الحادث.
وأوضح برايدوكس في تصريحه أن فرق الإنقاذ الجوية تمكنت من انتشال المتزلج المصاب من موقع الانهيار ونقلته إلى فرق الإسعاف الميدانية التي كانت في انتظار وصوله. لكن، ورغم جهود الإنقاذ، أُعلن عن وفاة الضحية في الموقع، دون الحاجة إلى نقله إلى المستشفى، ما يعكس شدة الإصابات التي تعرض لها.
وفي تقرير رسمي أصدرته هيئة المتنزهات الكندية ونُشر على موقعها الإلكتروني، كشفت تفاصيل إضافية حول الحادث، موضحة أن اثنين من المتزلجين كانا قد غادرا نطاق المنتجع إلى منطقة غير خاضعة للمراقبة، تُعرف باسم Pipestone Bowl، حيث استمتعا بالتزلج على المنحدرات العذراء المغطاة بالثلوج الكثيفة.
لكن مع اقتراب الساعة الثالثة عصرًا، وقع ما لم يكن في الحسبان؛ إذ تسبب أحد المتزلجين في انهيار جليدي مفاجئ، جرفه لمسافة تقارب 50 مترًا، قبل أن يُدفن تحت طبقة من الثلوج يتراوح سمكها بين 150 و200 سنتيمتر.
وفي محاولة يائسة لإنقاذ صديقه، سارع المتزلج الثاني بالحفر في الثلج، وتمكن من سحبه إلى السطح، ليبدأ على الفور في تقديم الإسعافات الأولية على أمل إنقاذ حياته. ومع ذلك، لم يكن بالإمكان فعل الكثير، حيث كانت الإصابة قاتلة.
الانهيار الثاني: مأساة في مقاطعة كاناناسكيس
لم يمضِ سوى وقت قصير على الحادث الأول، حتى تلقت الشرطة الملكية الكندية بلاغًا جديدًا عن وقوع انهيار جليدي آخر، هذه المرة في منطقة نائية في مقاطعة كاناناسكيس، وتحديدًا بالقرب من جبل بلاك برينس، على امتداد الطريق السريع 742.
وقع هذا الحادث في حوالي الساعة 4:00 مساءً، وأسفر عن مصرع متزلجة تبلغ من العمر 34 عامًا، كانت برفقة ثلاثة أشخاص آخرين أثناء التزلج في المناطق الوعرة.
ووفقًا لتحقيقات الشرطة، فقد أدى الانهيار إلى فصل المرأة عن رفاقها، حيث جرفتها الثلوج لمسافة بعيدة ودفنتها تحت طبقات كثيفة من الجليد، مما جعل عملية إنقاذها أكثر صعوبة. وسرعان ما أرسل المتزلجون الآخرون إشارة استغاثة لإبلاغ فرق الطوارئ بالحادث، بينما حاولوا بكل ما لديهم من إمكانيات تقديم الرعاية الطبية لها، لكن دون جدوى.
وعند وصول فرق الإسعاف إلى الموقع، تم إعلان وفاة المرأة في الحال، لتتحول رحلة التزلج التي بدأت بحماس ومتعة إلى كارثة مأساوية.
وقد أعربت الشرطة الملكية الكندية عن تعازيها العميقة لعائلة وأصدقاء الضحيتين، مؤكدة على خطورة الظروف الحالية في الجبال، وضرورة توخي الحذر الشديد من قبل محبي التزلج والمغامرين في المناطق الجبلية.
تحذيرات سابقة من خطر الانهيارات الجليدية
لم تأتِ هذه الحوادث بشكل مفاجئ تمامًا، إذ سبق أن أصدرت هيئة الانهيارات الجليدية الكندية تحذيرات صارمة بشأن تزايد مخاطر الانهيارات الجليدية في المناطق النائية من ألبرتا وكولومبيا البريطانية خلال الفترة ما بين 27 فبراير و3 مارس.
وأوضحت الهيئة في بيانها أن الشتاء الجاف الذي شهدته المنطقة في شهري يناير وفبراير أدى إلى تكوين طبقات ضعيفة من الثلج على عمق يتراوح بين 30 و100 سنتيمتر، مما جعلها غير مستقرة. ومع تزايد تساقط الثلوج لاحقًا، تشكلت طبقة صلبة فوق هذه الطبقات الهشة، مما جعل الظروف مثالية لوقوع انهيارات جليدية كارثية.
لم تكن هذه الحوادث هي الأولى هذا العام، ففي 17 فبراير، سُجلت حالة وفاة أخرى في كولومبيا البريطانية، عندما فُقد رجلان قرب مدينة جولدن بعد انهيار جليدي آخر. ورغم أن أحدهما تمكن من العودة والإبلاغ عن الحادث، إلا أن الآخر، وهو رجل يبلغ من العمر 42 عامًا، لم يكن محظوظًا، إذ عُثر عليه لاحقًا مدفونًا تحت أكثر من متر من الثلوج، حيث انتشلت فرق البحث جثته بعد عمليات بحث مضنية.
دعوات للحذر والتزام التعليمات
في ظل هذه الحوادث المتكررة، تواصل السلطات الكندية التأكيد على ضرورة التزام محبي الرياضات الشتوية بالإرشادات الرسمية، وعدم المغامرة بالخروج إلى المناطق النائية دون تجهيزات مناسبة أو معرفة كافية بالظروف الجوية.
كما دعت السلطات زوار الجبال والمتزلجين إلى الاستماع لتعليمات فرق الإنقاذ وموظفي المنتجعات، والتحلي بالصبر عند حدوث أي طارئ، حيث تُبذل جهود كبيرة لضمان إنقاذ أي شخص قد يكون في خطر.
ويبقى التزلج في جبال كندا واحدًا من أكثر الأنشطة الشتوية إثارة ومتعة، لكنه أيضًا ينطوي على مخاطر جسيمة، خاصة عندما تكون الظروف الجوية غير مستقرة. ومع استمرار وقوع الانهيارات الجليدية القاتلة، يصبح الوعي والتخطيط السليم عاملاً أساسيًا للحفاظ على الأرواح، وتجنب تحوّل المغامرة إلى مأساة.
ماري جندي
المزيد
1