أثار مكتب الميزانية البرلماني (PBO)، وهو هيئة مستقلة وغير حزبية، غضب الحكومة الفيدرالية مجددًا بعدما حذّر في تقرير له من أن الحد الأقصى الفيدرالي للانبعاثات، المقترح العام الماضي، قد يُهدد النمو الاقتصادي في كندا، مما قد يؤدي إلى فقدان أكثر من 40 ألف وظيفة بحلول عام 2032.
أثار مكتب الميزانية البرلماني (PBO)، وهو هيئة مستقلة وغير حزبية، غضب الحكومة الفيدرالية مجددًا بعدما حذّر في تقرير له من أن الحد الأقصى الفيدرالي للانبعاثات، المقترح العام الماضي، قد يُهدد النمو الاقتصادي في كندا، مما قد يؤدي إلى فقدان أكثر من 40 ألف وظيفة بحلول عام 2032.
بدلًا من التعامل مع المخاوف الاقتصادية التي طرحها التقرير، اختار وزير الطاقة، جوناثان ويلكينسون، مهاجمته على وسائل التواصل الاجتماعي، قائلًا:
“للأسف، أضاع مكتب الميزانية البرلماني وقته وأموال دافعي الضرائب بتحليل سيناريو مُختلق لم تقترحه حكومة كندا حتى من قريب أو بعيد.”
وأضاف أن التقرير “يُضلّل الجمهور مرة أخرى” عبر الإيحاء بأن تقليل الانبعاثات يستلزم خفض الإنتاج، متجاهلًا الواقع، حسب وصفه.
ورغم انتقاده اللاذع، لم يقدم ويلكينسون أي رد مباشر على الخسائر المحتملة في الوظائف أو الضرر الاقتصادي المتوقع، مكتفيًا بالاعتراض على بعض الجوانب التحليلية في التقرير.
تعاني الحكومة الفيدرالية من تناقض واضح بين أهدافها المناخية والأوضاع الاقتصادية. كندا تُعتبر قوة عظمى في مجال الطاقة بفضل صادراتها من النفط والغاز، التي تتجه غالبًا إلى الولايات المتحدة. ومع ذلك، تتحول الأخيرة تدريجيًا إلى منافس قوي بدلًا من شريك تجاري موثوق.
وفي ظل الحرب التجارية المتصاعدة بين أوتاوا وواشنطن، لم تقدم الحكومة الكندية أي تنازلات فيما يتعلق بالقيود التي تعرقل قطاع الطاقة، بل تواصل تشديد القوانين البيئية، وهو ما وصفه بعض الخبراء بأنه “انتحار اقتصادي” في عالم يشهد ولاية ثانية لدونالد ترامب.
القيود التنظيمية تهدد الاستثمار والنمو
يُعد قانون تقييم الأثر البيئي أحد أكبر العوائق التي تواجه صناعة النفط والغاز، حيث يجعل الاستثمار في القطاع رحلة شاقة مليئة بالعقبات.
ورغم الحديث عن سقف للانبعاثات، يتوقع مكتب الميزانية البرلماني زيادة إنتاج النفط في كندا بنسبة 11% بحلول ثلاثينيات القرن الحالي. تُعد صادرات النفط الكندي، التي تبلغ أربعة ملايين برميل يوميًا، سلاحًا اقتصاديًا مهمًا، خاصة في ظل التوترات التجارية مع الولايات المتحدة.
الوظائف في خطر.. هل تتخذ الحكومة القرار الصحيح؟
بدأت بالفعل عمليات تسريح العمال في قطاع الصلب في أونتاريو بسبب الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم الكندي، مما يؤكد أن الأسر العاملة ستكون الأكثر تضررًا من الحرب التجارية.
وبدلًا من فرض مزيد من القيود، تحتاج كندا إلى سياسات داعمة لقطاع الطاقة لحماية الوظائف وتعزيز الاقتصاد. ويؤكد خبراء أن البديل عن دعم الصناعة هو زيادة الاعتماد على برامج الرعاية الاجتماعية، مما قد يؤدي إلى تفاقم التضخم والضغط على المالية العامة.
أزمة استثمارية.. وخسائر بمليارات الدولارات
بينما كان يمكن للحكومة دعم مشاريع الطاقة مثل مرافق الغاز الطبيعي المسال في نيو برونزويك، اختارت إنفاق 34 مليار دولار لإنقاذ مشروع توسعة خط أنابيب “ترانس ماونتن” (TMX)، الذي عانى بسبب القيود التنظيمية الصارمة.
وفي المقابل، تستعد إدارة ترامب لتنفيذ مشروع ضخم للغاز الطبيعي المسال بقيمة 63 مليار دولار كندي في ألاسكا لتزويد اليابان، مما قد يهدد قطاع الغاز الطبيعي المسال في كندا ويفقدها فرصة ثمينة للتوسع في الأسواق الدولية.
مستقبل الطاقة الكندية.. قرارات حاسمة مطلوبة
لا تستطيع كندا تحمّل مزيد من العداء الحكومي تجاه قطاعها الطاقي، خاصة في ظل المنافسة المتزايدة مع الولايات المتحدة. الحكومة مطالبة باتخاذ خيارات جريئة لدعم الصناعة، بدلًا من مطاردة الاستثمارات وإعاقة النمو.
في النهاية، كندا تحتاج حكومة تتخذ القرارات الصحيحة، وليس مجرد سياسات تزيد من تعقيد الوضع الاقتصادي وتعزز من خسائر البلاد على الساحة الدولية.
المصدر: أوكسيجن كندا نيوز
المحرر: رامي بطرس
المزيد
1