هل حزب NDP يعمل من أجل المهاجرين أم يسهل دخول المتطرفين؟
في ظل دعم الحرية الجنسية والمواقف المتذبذبة: هل يمكن الوثوق بحزب NDP في قضايا المسلمين؟
هل حزب NDP يعمل من أجل المهاجرين أم يسهل دخول المتطرفين؟
في ظل دعم الحرية الجنسية والمواقف المتذبذبة: هل يمكن الوثوق بحزب NDP في قضايا المسلمين؟
في خطوة تُبرز التباين الكبير بين مواقف التيارات التي تنتمي إلى ما يُعرف بـ”الإسلام السياسي” وبين الأغلبية العظمى من المسلمين المعتدلين، أصدر المجلس الوطني للمسلمين الكنديين بيانًا مؤيدًا لموقف زعيم الحزب الديمقراطي الجديد، جاجميت سينغ. تأتي هذه الخطوة في توقيت حساس تعيشه كندا، ما أثار جدلًا واسعًا وتساؤلات حول أهداف هذا البيان ودوافعه.
هذا البيان، الذي بدا في ظاهره ذا طابع يعبر عن رأى حر، ولكنه يحمل في طياته إشارات سياسية قد يُفسرها البعض كمحاولة لاستغلال الدين لتحقيق مكاسب انتخابية.
فمثل هذه الممارسات ليست جديدة؛ فقد عايشناها في دول عربية وإسلامية، حيث سعت جماعات الإسلام السياسي لتوظيف الدين كوسيلة لتحقيق أهدافها السياسية البحتة. ولكن، بمرور الوقت، أدركت العديد من الدول، مثل مصر والسعودية والإمارات وغيرها، خطورة هذه التيارات ونجحت في مواجهتها بحزم، لتقويض استغلال الدين في تبرير أجندات سياسية وأطماع استعمارية عنيفة.
و يُعيد هذا المشهد تسليط الضوء على خطر استخدام الدين كأداة للتأثير على الناخبين، خاصة في مجتمعات تعددية ككندا. فبينما يعتنق غالبية المسلمين في كندا نهجًا معتدلًا يتماشى مع قيم التسامح والمواطنة، تبرز بين الحين والآخر محاولات من قِبَل تيارات معينة لتوجيه الخطاب العام نحو أهدافها السياسية، مما يثير قلقًا بشأن ولاءات تلك التيارات ومدى انسجامها مع المبادئ الديمقراطية التي تقوم عليها الدولة.
ويُروج المجلس الوطني للمسلمين في بيانه لـ “جاجميت سينغ “على أنه حليفٌ للقضية الفلسطينية، حيث يظهر في ظاهره دعماً باهتاً للقضية العادلة للشعب الفلسطيني، لكن ما يثير الشكوك هو التناقض الواضح بين أقواله وأفعاله.
فبينما يدّعي الوقوف مع القضية الفلسطينية، لم يتخذ سينغ أي خطوة جادة أو موقف حاسم يُدين الاحتلال الإسرائيلي أو يُناصر حقوق الفلسطينيين بشكل فعال، بل يبدو أن القضية الفلسطينية بالنسبة له ليست أكثر من أداة تُستخدم لجذب أصوات الجاليات المسلمة والعربية، في حين يبقى دعمه محصورًا في تصريحات ضبابية لا تقدم جديداً ولا تؤثر في مجريات الأحداث.
وفي هذا السياق، يبرز التساؤل المصيري: هل جاجميت سينغ مع القيم الإسلامية ، أم أنه مع الإسلام السياسي الذي يُستغل كأداة للوصول إلى مكاسب سياسية ضيقة، ويُحول الدين إلى سلعة تُتاجر بها الأهواء والمصالح؟ الفارق بين الدين الإسلامي والإسلام السياسي يكمن في عمق الاختلاف بين “المبادئ” التي يدعو إليها الإسلام، وبين محاولة استخدام الدين كأداة لتحقيق أهداف سياسية.
الأمر الأكثر إثارة للريبة هو أن الحزب الديمقراطي الجديد، بقيادة جاجميت سينغ، يروج علنًا لأجندات تتناقض مع القيم الأخلاقية والدينية التي تُقدّسها العديد من الجاليات المسلمة. من أبرز هذه الأجندات الترويج للشذوذ الجنسي، وتطبيع الممارسات التي تثير استياء واسعًا بين المسلمين، إضافة إلى الترويج لسياسات التعليم الجنسي الشامل في المدارس، وهي سياسات تُعتبر بعيدة عن القيم العائلية والدينية التي يُؤمن بها العديد من المسلمين. الإسلام السياسي قد يُصوّر كل ذلك كجزء من المساواة والحرية، ولكن في الحقيقة، هو تحريف مُضلل لمفاهيم الدين الحقيقي.
أهم النقاط التي ينادي بها حزب NDP (الحزب الديمقراطي الجديد) في كندا:
-دعم قوي لحقوق المثليين والمتحولين جنسياً (LGBTQ+).
-تأييد سياسة التربية الجنسية الشاملة في المدارس.
-دعم حق المرأة في الإجهاض كجزء من حرية الاختيار.
-معارضة تمويل المدارس الدينية الخاصة من الأموال العامة.
-دعم قوانين العلمانية في كيبيك (مثل قانون Bill 21) الذي يمنع ارتداء الرموز الدينية في الأماكن العامة.
-توجه علماني قوي يسعى إلى إضعاف دور الدين في الحياة العامة.
-على الرغم من أن الحزب أحيانًا ينتقد إسرائيل بشكل محتشم، لا تزال مواقفه غير حاسمة بما يكفي لدعم حقوق الفلسطينيين بشكل فعّال.
-دعم بعض السياسات الغربية التي قد تُعتبر معادية لدول إسلامية.
-نقص التمثيل السياسي للمسلمين، وقلة الاهتمام بقضاياهم.
وفيما يلي شرح لكل نقطة ..
-الدعم القوي لحقوق المثليين والمتحولين جنسياً (LGBTQ+):
يدعم حزب NDP بشكل قوي حقوق المثليين والمتحولين جنسياً، حيث يتبنى سياسات تمنحهم حقوقًا متساوية مع باقي أفراد المجتمع، مثل الحق في الزواج والاعتراف بهويتهم الجنسية. هذا الموقف قد يثير استياء الكثير من المسلمين الذين يعتبرون أن هذه الممارسات تتعارض مع قيمهم الدينية، حيث يُنظر إليها على أنها تنتهك المبادئ التي يدعو إليها الإسلام بشأن الأسرة والعلاقات الإنسانية.
-الحزب يدعم سياسات تتعلق بالتربية الجنسية الشاملة في المدارس:
يدعو الحزب إلى تعليم الأطفال والمراهقين حول قضايا الجنس والهوية الجنسية في المدارس من خلال برامج التربية الجنسية الشاملة. بينما يرى العديد من المسلمين أن مثل هذه البرامج قد تكون غير لائقة لأبناء الجاليات التي تلتزم بمفاهيم دينية وعائلية معينة، ويعتبرونها تدخلاً في التربية الدينية والعائلية للأطفال، التي ينبغي أن تبقى في إطار الأسرة.
-الحزب يؤيد حق المرأة في الإجهاض كجزء من حرية الاختيار:
يؤيد NDP حق المرأة في اتخاذ قرار الإجهاض كجزء من حقوقها في السيطرة على جسدها، وهي سياسة تنبع من إيمان الحزب بحرية الاختيار. لكن هذا الموقف يتناقض مع المبادئ الإسلامية التي تحظر الإجهاض إلا في حالات معينة، مثل خطر على حياة الأم. وقد يتسبب هذا التباين في غضب الكثير من المسلمين الذين يرون أن هذه السياسات تتعارض مع القيم الدينية التي يُحترم فيها حياة الجنين.
-عدم دعم التعليم الديني الخاص:
يعارض الحزب تمويل المدارس الدينية الخاصة من الأموال العامة، وهو موقف يتوافق مع توجهه العلماني الذي يسعى للفصل بين الدين والسياسة. هذا يعارض موقف العديد من المسلمين الذين يرون في المدارس الدينية جزءًا أساسيًا من حفظ الهوية الثقافية والدينية لأطفالهم في الخارج. بالنسبة لهم، يُعد هذا الموقف محاولة للحد من حرية ممارسة الدين والتربية على القيم الدينية في بيئة تعليمية آمنة.
-قوانين العلمانية في كيبيك (مثل قانون Bill 21) التي تمنع ارتداء الرموز الدينية في أماكن العمل الحكومية:
يدعم NDP قوانين علمانية مثل Bill 21 في كيبيك، التي تمنع الموظفين في القطاع العام من ارتداء الرموز الدينية مثل الحجاب واللحية. هذه القوانين تُعتبر هجومًا على حرية الأفراد في ممارسة شعائرهم الدينية، وخاصة للمسلمين الذين يعتبرون أن ارتداء الحجاب أو اللحية جزء لا يتجزأ من هويتهم الدينية. يثير هذا الموقف استياء كبيرًا بين الجاليات المسلمة التي ترى فيه تهديدًا لحريتهم في ممارسة دينهم بشكل علني.
-التوجه العلماني القوي وإضعاف الدور الديني في الحياة العامة:
يتمسك الحزب بالعلمانية كأيديولوجية أساسية، ويرفض دمج الدين في السياسة. هذا التوجه يهدف إلى منع تأثير الدين على القرارات السياسية، وهو ما يراه الحزب جزءًا من حماية حرية جميع المواطنين. ومع ذلك، يشعر العديد من المسلمين أن هذا التوجه يُضعف من دور الدين في المجتمع، ويجعل من الصعب عليهم ممارسة معتقداتهم بحرية في الحياة العامة.
-على الرغم من أن الحزب أحيانًا ينتقد سياسات إسرائيل على استحياء، يرى بعض المسلمين والعرب أن مواقفه ليست حاسمة بما يكفي لدعم حقوق الفلسطينيين:
على الرغم من أن NDP ينتقد في بعض الأحيان سياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين، إلا أن مواقفه تظل ضعيفة وغير حاسمة. كثير من المسلمين والعرب يشعرون أن الحزب لا يذهب إلى أبعد من مجرد تصريحات عامة لا تؤثر بشكل حقيقي على مواقف الحكومة الإسرائيلية أو تدعم حقوق الفلسطينيين في شكل فعّال. يُنظر إلى هذا الموقف على أنه غير كافٍ لدعم القضية الفلسطينية بجدية.
-الدعم لبعض السياسات الغربية التي تُعتبر معادية لبعض الدول الإسلامية:
ينادي NDP في بعض الأحيان بسياسات تتبنى مواقف غربية قد تُعتبر معادية لبعض الدول الإسلامية، مثل دعم الحروب أو التدخلات العسكرية في مناطق الشرق الأوسط. يتسبب هذا في استياء بين العديد من المسلمين الذين يرون أن هذه السياسات تتجاهل مصالحهم وأمنهم في المنطقة، وتدعم حروبًا تُضر بمصالح العالم الإسلامي.
-عدم تمثيل المسلمين بشكل كافٍ وقلة التمثيل السياسي:
تعتبر الجاليات المسلمة في كندا أن هناك نقصًا في التمثيل السياسي الحقيقي داخل NDP. العديد منهم يشعرون أن الحزب لا يخصص مساحة كافية لتمثيل قضايا المسلمين السياسية والاجتماعية، ولا يلتزم بوجود قيادات مسلمة بارزة داخل الحزب. هذا يُثير قلق العديد من الناخبين الذين يعتقدون أن حزب NDP لا يقدم حلولًا فعلية لقضاياهم ، والشعور انه حزب خاص بمجتمع وثقافة الهند.
إن حزب سينغ يمثل تجسيدًا صارخًا للتناقض بين الشعارات والواقع؛ حيث يدّعي الدفاع عن القضايا العادلة، في حين يروج لأجندات تهدد أسس الأخلاق والعدالة التي يُؤمن بها المسلمون. في ظل هذا الوضع، يتعين على الناخب المسلم أن يُمعن النظر: هل حزب سينغ حقًا يدعم القيم الإسلامية الحقيقية؟ أم أن هذا مجرد استغلال سياسي للأصوات المسلمة والعربية في سبيل تحقيق مكاسب سياسية؟
هل الهدف من وراء دعم هذا الحزب هو بناء مجتمع متعدد الثقافات يعترف بالقيم الأخلاقية والدينية؟ أم أن الهدف الحقيقي هو استغلال سياسي لفتح أبواب الهجرة أمام الجماعات المتشددة، المجرمين، والأشخاص الذين يحملون أفكارًا متطرفة تهدد الأمن والسلام في المجتمع الكندي؟ هذه الأسئلة تفتح أمام المسلمين في كندا المجال للتفكير العميق بشأن خياراتهم السياسية، ومدى التزام السياسيين في دعم القيم الدينية والإنسانية.
المزيد
1