مع اقتراب عام 2025، يراقب المسؤولون الصحيون في كندا تطورات هامة في مجال الصحة العامة، ويضعون أنظارهم على تهديدات صحية جديدة وناشئة قد تؤثر بشكل كبير على المجتمع. وتأتي أنفلونزا الطيور والحصبة على رأس هذه المخاوف، مما يثير القلق في أوساط كبار مسؤولي الصحة العامة في البلاد.
مع اقتراب عام 2025، يراقب المسؤولون الصحيون في كندا تطورات هامة في مجال الصحة العامة، ويضعون أنظارهم على تهديدات صحية جديدة وناشئة قد تؤثر بشكل كبير على المجتمع. وتأتي أنفلونزا الطيور والحصبة على رأس هذه المخاوف، مما يثير القلق في أوساط كبار مسؤولي الصحة العامة في البلاد.
أنفلونزا الطيور H5N1: التهديد المتزايد
تعتبر الدكتورة تيريزا تام، كبير مسؤولي الصحة العامة في كندا، من بين الأطباء المتابعين عن كثب لفيروس إنفلونزا الطيور H5N1، الذي أظهر قدرة على الانتقال بين الطيور البرية ويعد من السلالات الأكثر عدوى. فقد ظهرت أول حالة إصابة مؤكدة بهذا الفيروس في كندا عام 2024، حيث تم اكتشاف إصابة مراهق في كولومبيا البريطانية الذي تم نقله إلى المستشفى بعد إصابته بأعراض شديدة في نوفمبر/تشرين الثاني.
لكن ما يثير القلق بشكل خاص هو قدرة هذا الفيروس على التسبب في مجموعة واسعة من النتائج السريرية، حيث تتراوح أعراض الإصابة من العدوى التي لا تظهر أي أعراض إلى حالات نادرة قد تتسبب في مرض شديد. ويعكس هذا التنوع في الأعراض التحدي الكبير الذي يواجهه العلماء والأطباء في التعامل مع هذا الفيروس، خاصة مع عدم وجود دليل قاطع حتى الآن حول كيفية انتقال الفيروس من شخص لآخر.
على الرغم من أن خطر انتشار الفيروس بين البشر لا يزال منخفضًا حتى الآن، إلا أن هناك حالات مقلقة في الولايات المتحدة تشير إلى أن الفيروس قد يسبب أمراضًا شديدة. ففي ديسمبر/كانون الأول 2024، تم الإعلان عن أول حالة شديدة للفيروس في لويزيانا، حيث أصيب شخص يزيد عمره عن 65 عامًا بعد تعرضه لطيور مريضة.
الوقاية والتثقيف: ضرورة التحرك العاجل
تدعو تيريزا تام إلى تكثيف الجهود التوعوية بخصوص إنفلونزا الطيور، مشيرة إلى أهمية تزويد مزارعي الدواجن والمربين في الفناء الخلفي بالمعرفة اللازمة حول الإجراءات الوقائية مثل ارتداء معدات الحماية الشخصية واتباع تدابير الأمن البيولوجي. فطيور الفناء الخلفي، التي تتعرض للطيور البرية الحاملة للفيروس، تمثل بيئة خصبة لانتقال العدوى.
وأكدت تام على ضرورة التعامل بحذر مع أي طيور مريضة أو ميتة، وتوجه النصيحة إلى الأشخاص الذين يربون الطيور بضرورة الاتصال بالخبراء مثل الأطباء البيطريين أو الهيئات الصحية المحلية في حال وجود أي حالة مريبة.
عودة الحصبة: تهديد قديم يتجدد
بجانب أنفلونزا الطيور، تتزايد المخاوف بشأن مرض آخر قديم عُرف بالقضاء عليه منذ عقود في كندا: مرض الحصبة. فقد شهدت البلاد في السنوات الأخيرة عودة ملحوظة للمرض، حيث يُتوقع أن يصل عدد الحالات في 2024 إلى حوالي 170 حالة مقارنة بـ 59 حالة في العام السابق.
الحصبة، التي تم القضاء عليها في كندا عام 1998، عادت للظهور مجددًا، مع تسجيل تفشيات في بعض المناطق مثل نيو برونزويك، مما يثير القلق بشكل خاص حول الأشخاص الذين لم يتلقوا التطعيمات اللازمة. وترتبط العديد من هذه الحالات بانتقال الفيروس عبر الأشخاص الذين سافروا من مناطق أخرى كانت فيها الحصبة منتشرة.
وأشارت تام إلى أن الأطفال يمثلون الفئة الأكثر تأثرًا بالحصبة، فقد توفي طفل دون الخامسة في أونتاريو نتيجة لهذا المرض، وهو أمر لم يكن قد حدث منذ فترة طويلة. وتعتبر هذه الحوادث تذكيرًا قاسيًا بأهمية التطعيمات في الوقاية من الأمراض المعدية.
السعال الديكي: تهديد آخر في العودة
إلى جانب الحصبة، يزداد القلق أيضًا بشأن مرض آخر يمكن الوقاية منه باللقاح وهو السعال الديكي. بعد سنوات من السيطرة عليه، بدأ السعال الديكي في العودة مع زيادة في عدد الحالات التي تؤثر بشكل خاص على الأطفال الصغار. غالبًا ما يُعرف هذا المرض بـ”سعال المائة يوم” نظرًا لطول فترة المرض وصعوبة علاجه.
من العوامل التي تساهم في عودة الحصبة والسعال الديكي، تُعزى تيريزا تام إلى اضطراب جداول التطعيمات الروتينية للأطفال بسبب جائحة كوفيد-19. ورغم الجهود التي بُذلت لاستعادة مستوى التغطية باللقاحات، فإن الوضع لم يعد إلى طبيعته بعد.
استمرار خطر كوفيد-19
وفيما يتعلق بفيروس كوفيد-19، أشارت تام إلى أن الفيروس لا يزال في حالة تطور مستمر. وعلى الرغم من انخفاض عدد الإصابات في الخريف، فإن الوضع يظل قابلاً للتغيير، خصوصًا مع قدوم فصل الشتاء. رغم أن “وباء الثلاثي” الذي كان يشهده العالم في السنوات السابقة لم يتكرر، إلا أن الحذر لا يزال مطلوبًا، خصوصًا بالنسبة للأشخاص الأكبر سنًا أو الذين يعانون من أمراض مزمنة.
نصحت تام باتباع الاحتياطات الأساسية مثل غسل اليدين، ارتداء الأقنعة، والبقاء في المنزل عند الشعور بالمرض. كما شددت على أهمية الحصول على اللقاحات المحدثة لتوفير “طبقات حماية” ضد الفيروسات المنتشرة.
وعلى الرغم من أن الوضع الصحي العام في كندا لا يزال تحت السيطرة، فإن المخاوف من أمراض مثل أنفلونزا الطيور، الحصبة، والسعال الديكي تتطلب يقظة واستعدادا من الجميع. في الوقت الذي تتزايد فيه هذه التهديدات الصحية، تظل الوقاية والتطعيمات في مقدمة الحلول التي يجب على الجميع الالتزام بها للحفاظ على صحة المجتمع وحمايته من الأوبئة المستقبلية.
ماري جندي
المزيد
1